ـ(117)ـ
بقي الحكم على ما كان عليه أوّلاً للزم منه المشقة والضرر بالناس) (1).
وبالإضافة إلى ذلك، هناك مواضع ومواقع في عملية التربية الكبرى لا يمكن تسليمها إلاّ لمجتهد بالشريعة، عالم بخفاياها وروحها وتعاليمها، حتّى يملك كلمة الفصل من خلال ذلك. فالقيادة والقضاء ـ مثلاً ـ لا تتمان من دون فقيه مجتهد متضلع في الشريعة.
فالاجتهاد هو: إبقاء الروح الإسلاميّة الفعالة الحركة، المواكبة للتحول والموفرة للقدرة على الخلود، ونقض الجمود الممتد كما يقول بعض المعاصرين: (إذا كان العالم الإسلامي قد استضاء على مر القرون الماضية ويستضيء الآن باجتهاد الأئمة الأربعة وتلامذتهم النابغين المقربين فإن هؤلاء لم يكونوا الذروة أو في الذروة وحدهم، بل كان معهم الكثيرون من أمثالهم، ممن يفوقهم وممن يقاربهم، ولكن الظروف والعوامل فعلت فعلها معهم) (2).
ويرى العلامة المرحوم الشهيد الشيخ المطهري قدس سره: أنّ روح التقارب كانت سائدة رغم الخلاف، فمجرد أنّ ينفتح باب التقارب باتساع مفهوم ـ مثلاً ـ يتم التقارب بشكل طبيعي، والاجتهاد أحد موارده: الإجماع كذلك.
(والاجتهاد يعني: تسرب بعض المواقف الذاتية أحيانا إلى النتيجة، ويشتد الخطر ويتفاقم عندما تفصل بين الشخص الممارس والنصوص التي يمارسها فواصل تاريخية وواقعية كبيرة، وحين تكون تلك النصوص بصدد علاج قضايا يعيش الممارس واقعاً مخالفاً كلّ المخالفة لطريقة النصوص في علاج تلك القضايا: كالنصوص التشريعية المرتبطة بالجوانب الاجتماعية من حياة الإنسان. فعملية اكتشاف المذهب الاقتصادي الإسلامي ـ مثلاً ـ تتعرض لخطر الذاتية أكثر منها في استنباط الأحكام الفردية) (3).
_____________________________________
1 ـ الاجتهاد في الشريعة الإسلاميّة النمر: 130.
2 ـ المصدر السابق: 148 وكذلك الشيخ التسخيري.
3 ـ اقتصادنا للسيد الشهيد الصدر (قدس سره): 380.