ـ(115)ـ
اجتهادات متعددة) (1).
والقفال نفسه كان يقول للسائل في مسألة الصبرة: (أتسألني عن مذهب الشافعي أم ما عندي؟)(2).
وقال هو والشيخ أبو علي، والقاضي الحسيني، والأستاذ أبو إسحاق وغيرهم: (لسنا مقلدي الشافعي، بل وافق رأينا رأيه)(3).

حاجة الأمة إلى الاجتهاد:
الاجتهاد مفخرة ينفرد بها الإسلام من بين الأديان وكل التشريعات حتّى في عصرنا الحاضر والى ما بعده، فهو قائم ـ أساساً ـ على حرية الفكر في فهم القرآن والأحاديث. وبغير ذلك تتصلب شرايين الشريعة، وتتوقف حياتها.
لذلك يقول الإمام الشهرستاني في هذا: (إنّ الحوادث والوقائع في العبادات والتصرفات مما لا يقبل الحصر والعد، ونعلم قطعاً: أنّه لم يرد في كلّ حادثة نص، ولا يتصور ذلك. والنصوص إذا كانت متناهية فالوقائع غير متناهية، وما لا يتناهى لا يضبطه ما يتناهى، تحتم قطعاً أنّ الاجتهاد والقياس واجب الاعتبار حتّى يكون بصدد كلّ حادثة اجتهاد وحكم لها) (4).
والاجتهاد حياة التشريع، فلا بقاء لشرع ما لم يظل الفقه والاجتهاد فيه حياً مرناً ذا فعاليةٍ وحركة.
قال الغزالي في المنخول: (الاجتهاد ركن عظيم في الشريعة لا ينكره منكر، وعليه عول الصحابة بعد أنّ استأثر الله برسولـه صلى الله عليه وآله ، وتابعهم عليه التابعون إلى زماننا هذا، ولا يستقل به أحد، ولكن لابد من أوصاف وشرائط) (5).
________________________
1 ـ مغني المحتاج للخطيب 4: 377.
2 ـ مغني المحتاج للخطيب 4: 377.
3 ـ مغني المحتاج للخطيب 4: 377.
4 ـ الملل والنحل للشهرستاني 1: 199.
5 ـ المنخول للغزالي: 462