ـ(114)ـ
مصنفاتهم، وذلك عام (645 هـ) (1). وقد سبقه القادر العباسي المتخلف سنة (381 هـ)، حيث أمر أربعة من علماء الإسلام أنّ يصنف كلّ واحد منهم مختصراً على مذهبه.
(فصنف الماوردي الشافعي الإقناع، وصنف أبو الحسين القدوري مختصراً على مذهب أبي حنيفة، وصنف أبو محمّد ـ عبد الوهاب بن محمّد بن نضر ـ المالكي مختصراً، ولم يعرف من صنف لـه على مذهب أحمد بن حنبل، ولما عرضت على القادر قبلها وأمضى العمل بها (2).
(وقد طلب أخيراً من العلماء أنّ يتخيروا مذهباً معيناً من المذاهب المختلفة للقضاء بمقتضاه فرفضوا، فكانت النتيجة: اللجوء إلى القانون الفرنسي) (3).
إنّ الاجتهاد على المتأخرين أيسر وأسهل من الاجتهاد على المتقدمين، ولا يخالف في هذا العدد من لـه فهم صحيح وعقل سوي (4). ونقلت هذه العبارة على طولها؛ لأن فيها أعمق تحليل، وأبسط بيان، وأروع حجة تقوم على أولئك الّذين زعموا غلق باب الاجتهاد، وإلزام الناس بالتقليد على المذاهب الأربعة، وقد أتوا من قبلهم ومن قبل أنفسهم، وعدم ثقتهم بما وصلوا إليه من درجات علمية تبوئ كلا منهم صدارة الاجتهاد، وكأنهم كانوا يحسون ببلوغهم درجة الاجتهاد، كما تبين من نقاشهم واحتجاجهم واستقلالهم في الرأي والتفكير والتصويب والترجيح، إلاّ أنهم لا يجرؤون على إظهاره بين المجتمع تمشياً مع فكرة غلق باب الاجتهاد، فيضعون أنفسهم في دائرة مذهب من المذاهب، ثم يجتهدون كما فعل الغزالي نفسه، فإنه يقول بخلو العصر من المجتهدين...، ثم يقول بعد ذلك: (ليس بمقلد للشافعي، وإنما وافق رأيه رأيه، وفي كتبه
____________________________
1 ـ في ميدان الاجتهاد للشيخ الصعيدي: 9.
2 ـ معجم الأدباء 15: 54، ط 21.
3 ـ ظهر الإسلام لأحمد أمين 2: 7.
4 ـ إرشاد الفحول للشوكاني: 223 عن كتاب البحر المحيط للزركشي.