ـ(109)ـ
الحكم، مما أوجب انشغالهم عن تشجيع حركة التشريع، وانشغال العلماء ـ تبعاً لذلك ـ بالسياسة وشؤونها، وبأمور الدنيا.
2 ـ انقسام المجتهدين إلى أحزاب لكل حزب مدرسته التشريعية وتلامذتها، مما دعا إلى تعصب كلّ مدرسة لمبانيها الخاصة، أصولاً وفروعاً، وهدم ما عداها حتّى صار الواحد منهم لا يرجع إلى نص قرآني من التعسف في الفهم والتأويل)(1).
(وبهذا فنيت شخصية العالم في حزبيته، وماتت روح استقلالهم العقلي، وصار الخاصة كالعامة أتباعاً لمقلدين)(2).
3 ت انتشار المتطفلين على الفتوى والقضاء، وعدم وجود ضوابط لهم، مما أدى إلى تقبل سد باب الاجتهاد في أواخر القرن الرابع، وتقييد المفتين والقضاة بأحكام الأئمة، حيث عالجوا الفوضى بالجمود.
4 ـ شيوع الأمراض الخلقية بين العلماء والتحاسد والأنانية، (فكانوا إذا طرق أحدهم باب الاجتهاد فتح على نفسه أبواب التشهير به، وحط أقرانه من قدره، وإذا أفتى في واقعة برأيه قصدوا إلى تسفيه رأيه وتجريحهم إياه بأنه مقلد وناقل، لا مجتهد ومبتكر. وبهذا بهت روح النبوغ، ولم ترفع في الفقه رؤوس، وضعفت ثقة العلماء بأنفسهم وثقة الناس بهم) (3).
(وهناك عامل آخر كاد أنّ يسد باب الاجتهاد عند الإمامية بالخصوص في القرن الخامس الهجري، وهو: عظم مكانة الشيخ الطوسي ـ رحمه الله ـ وقوة شخصيته التي صهرت تلامذته في واقعها، وأنستهم ـ أو كادت ـ شخصياتهم العلمية، فما كان أحد منهم ليجرؤ على التفكير في صحة رأي لأستاذه الطوسي أو مناقشته) (4).
وقد قيل: (إنّ ما خلفه الشيخ الطوسي من كتب الفقه والحديث كاد أنّ يستأثر
_____________________________________
1 ـ خلاصة التشريع الإسلامي: 341.
2 ـ خلاصة التشريع الإسلامي: 341.
3 ـ في ميدان الاجتهاد للشيخ الصعيدي: 9.
4 ـ الأصول العامة للفقه المقارن لمحمد تقي الحكيم: 600.