ـ(102)ـ
المعروفين منهم، والطريق إلى معرفة أقوالهم هو: إما الحدس المقتضي للعلم الإجمالي باتفاق الجميع من جهة الأدلة ونحوها، أو قياس الغائب على الشاهد والمجهول على المعلوم، أو عدم نقل الخلاف الدال على اتفاق الكل أو المتحصل من جملة ذلك (1).
والى هذا أشار الشيخ الطوسي في العدة، حيث قال: (فإذا لم يتعين لنا قول الإمام ولا ينقل عنه نقلاً يوجب العلم ويكون قوله في جملة أقوال الأمة غير متميز منها فإنه يحتاج أنّ ينظر في أحوال المختلفين، فكل من خالف ممن يعرف نسبه ويعلم منشؤه وعرف أنّه ليس بالإمام الذي دل الدليل على عصمته وكونه حجة وجب إطراح قوله، وأن لا يعتد به، ويعتبر أقوال الّذين لا يعرف نسبهم؛ لجواز أنّ يكون كلّ واحد منهم الإمام الذي هو الحجة) (2).
وذكر أيضاً: انه إذا اختلفت الإمامية في مسالة ليس فيها ما يوجب العلم بصحة أحد أقوالهم وكان المعروف منهم بعينه ونسبة قائلاً بقول والباقون قائلين بالقول الآخر لم يعتبر قول من عرفناه؛ لأنا نعلم: أنّه ليس فيهم الإمام، فغن كان في الفريقين أقوام لا نعرف أعيانهم ولا أنسابهم وهم مع أخذ ذلك مختلفون كانت المسألة من باب ما نكون فيها مخيرين، بأي القولين شئنا أخذنا(3).
وقال ابن إدريس في بيان محرمات النكاح: (وليس دليل الإجماع في قول رجلين ولا ثلاثة ولا من عرف اسمه ونسبه؛ لأن وجه كون الإجماع حجة عندنا دخول قول المعصوم عن الخطأ في الحكم بين القائلين بذلك، فإذا علمنا في جماعة قائلين بقول: إنّ المعصوم ليس هو في جملتهم لا نقطع على صحة قولهم إلاّ بدليل غير قولهم، وإذا تعين المخالف من أصحابنا باسمه ونسبه لم يؤثر خلافه في دلالة الإجماع؛ لأنه إنما يكون حجة لدخول قول المعصوم فيه، لا لأجل الإجماع) (4).
____________________________
1 ـ الغنية: الحمزة بن علي ابن زهرة 2.
2 ـ عدة الأصول للطوسي 2: 75.
3 ـ المصدر السابق 2: 76، وراجع كذلك الغنية للطوسي: 18.
4 ـ السرائر لمحمد بن إدريس الحلي: 277.