ـ(101)ـ
في نفسه بملاكٍ وسقوط الحديث المعارض لـه عن الاعتبار بملاك.
المبحث الرابع
مستند حجية الإجماع لدى الإمامية:
لقد مر علينا في المبحث السابق أنّ الإجماع عند الإمامية ليس بحجة ودليل مستقل، وإنّما هو مجرد أداة تكشف عن وجود دليل متين: كآية من كتاب الله، أو رواية من سنة نبيه تنطق بالحكم المجمع عليه، وهي معلومة عند المجمعين ومجهولة عندنا، وأن الإجماع حاك وراو لحكم، فهو كاشف عن الدليل السليم. ومن أجل ذلك استغنى الإمامية عن إقامة الدليل عليه ما دامت العبرة بالمنكشف لا الكاشف، وعلى هذا فإن الدليلية والحجية إنّما هي للسنة، لا للإجماع (1).
وقد ذكر الأصوليون طرقاً عديدة لإحراز رأي المعصوم ضمن آراء المجمعين، سأقتصر على الطرق المعروفة وهي:
أوّلاً الطريقة التضمنية:
وذلك بأن يستكشف عقلاً أو عادة أو ملفقاً منهما قول الإمام عليه السلام من وجود مجهول النسب في المجمعين، بحيث يعلم: أنّ من عداه غيره فيحكم بأنه هو، وأن قولهم قوله، وإذا ثبت ذلك يكون حجة قطعاً، وقد اشتهر هذا بين الأصوليين، لذا تراهم في كثير من المسائل الخلافة يتمسكون بالإجماع، ويردون قول المخالف بمعلومية نسبة، وهم بهذا يقصدون هذا الوجه.
وهكذا، فإن بمنى الاستدلال المذكور مبني على العلم بقوله في جملة أقوال غير
___________________________________________
1 ـ راجع الرسائل للشيخ الأنصاري: 40، وفوائد الأصول لمحمد علي الكاظمي 3: 53، وأصول الاستنباط لعلي نقي الحيدري 2: 145، وعلم أصول الفقه في ثوبه الجديد لمحمد جواد مغنية: 226، وكشف القناع لمحمد عبد النبي الأخباري: 31، والحدائق الناضرة للبحراني 9: 370.