ـ(92)ـ
حقوق الإنسان وواجباته في كتب الفقه المختلفة، حيث بينوا بالتفصيل: الحقوق التي تثبت للأفراد والجماعة والدولة تجاه مختلف العلاقات التي تقوم في المجتمع الإنساني.
أمّا الأصوليون: فإنهم عندما تعرضوا لدراسة الحق ركزوا اهتمامهم على أقسام الحق باعتبار مستحقه:( الله أو العبد)، وعلى أهلية وجوب الحق وأدائه، فلم يهتموا بصياغة نظرية للحق شاملة يتحدثون فيها عن كل ما يتعلق به
يقول الأستاذ الشيخ أبو سنة:( لكن علماء الأصول حين وضعوا الأصل لهذه النظرية لم يكملوا مباحثها، ولم يبرزوا معالمها، مع أنها القاعدة الكبرى لعلم الفقه التي يتفرع عنها جميع نظرياته وأحكامه)(1).
وفرق الأصوليون والفقهاء بين نوعين من أنواع الحق، وهما: حق الله وحق العبد وبينوا: أن معيار التفريق بينهما هو: أن حق العبد: عبارة عما يسقط بإسقاط العبد: كضمان المتلفات. وحق الله ما لا يسقط بإسقاط البعد: كالصلاة والصوم.
قال ابن القيم:( والحقوق نوعان: حق الله وحق الآدمي، فحق الله لا مدخل للصلح فيه: كالحدود والزكوات والكفارات ونحوها. وأما حقوق الآدميين: فهي التي تقبل الصلح والإسقاط والمعاوضة عليها )(2).
وعرفوا حق الله بأنه: ما يتعلق به النفع العام للعباد، ولا يختص بأحد: كحرمة الزنا، فإنه يتعلق به عموم النفع، من: سلامة الأنساب، وصيانة الأولاد، وإنما نسب إلى الله تعظيماً لأمره؛ لخطورته وشمول نفعه. فليس المراد: أن الله تعالى يختص به وحده من بين سائر الحقوق، أو أنه سبحانه ينتفع به، فحقوق الله وحقوق البعاد أحكام له سبحانه، وهو متعال عن النفع والضرر.
وعرفوا حق العبد أنه: ما يتعلق به مصلحة خاصة له: كحرمة مال الغير(3). وقد
____________________________________________
1 ـ الشيخ أبو سنة، النظريات العامة: 49.
2 ـ ابن القيم، أعلام الموقعين 1: 108، وأنظر الزركشي، القواعد: و 105 ب.
3 ـ انظر النسفي، شرح المنار(وحواشيه): 886، والتهانوي، كشاف اصطلاحات الفنون 329، وتيسير التحرير 2: 174 ـ 181 والعز بن عبد السلام، قواعد الأحكام: 103 وما بعدها، والباجوري، الحاشية 1: 382. وانظر شيئاً من التفصيل للشيخ أحمد أبو سنة، النظريات العامة في المعاملات: 56 ـ 66.