ـ(83)ـ
من قوله تعالى: (ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن)(1).
ثم إن علماء الأصول قد تعرضوا في بحث الاجتهاد لمسألة: هل الحق عند الله تعالى واحد أم متعدد ؟ وأرادوا به: حكم الله، ومع ذلك فإن هذه التعاريف لا تبرز ماهية الحق وتظل مبهمة لا تصور معناه بطريقةٍ واضحةٍ بينه.
وقد وجدت أثناء بحثي في موضوع الملكية في الشريعة الإسلاميّة (2) تعريفاً للحق لأحد فقهاء الشافعية الكبار وهو: القاضي حسين بن محمد المروزي، المتوفي سنة(462هـ) في كتابه( طريقة الخلاف بين الشافعية والحنفية)، وهذا الكتاب ما زال مخطوطاً في دار الكتب المصرية، فقد جاء فيه:( والمعني بالحق: اختصاص مظهر فيما يقصد له شرعاً)(3).
وهذا التعريف له وزنه وقيمته العلمية من عدة نواحٍ:
أ ـ إنه عرف الحق بأنه: اختصاص، وهو تعريف يبرز ماهية الحق؛ لأن الاختصاص جوهر كل حقٍ، فلا وجود له إلاّ بوجوب الاختصاص الذي هو عبارة عن العلاقة التي تقوم بين الشخص والحق، بحيث يكون لهذا الشخص وحده الاستئثار بالسلطات والمكنات والصلاحيات الثابتة شرعاً في هذه العلاقة لصاحبه في محله.
ب ـ إن تعريف الحق بأنه( اختصاص) هو الذي يكاد ينتهي إليه البحث القانوني بعد طول تخبط في معرفة ماهية الحق وقوامه(4).
_________________________________________________
1 ـ المؤمنون : 71.
2 ـ كتاب الخلاف بين الشافعية والحنفية للقاضي ابن علي الحسين بن محمد بن أحمد المروزي الشافعي، مخطوط بدار الكتب المصرية برقم 1523، فقه الشافعي.
3 ـ القاضي حسين، طريقة الخلاف بين الحنفية والشافعية: و 150 أ(مخطوط).
4 ـ انظر تعريفات القانونيين للحق للدكتور عبد السلام العبادي. الملكية في الشريعة الإسلاميّة 1: 103 ـ 106.