ـ(82)ـ
أنها حق الله تعالى، فنجزم بأن الحق هو نفس الأمر، لا الفعل، وما وقع من ذلك مؤول(1).
وقد منع ابن الشاط في حاشيته على الفروق(2) أن يطلق حق الله على أمره ونهيه، وبين: أن حق الله متعلق أمره ونهيه، وهو عبادته. فحق الله: فعل الإنسان ليس غير. واستدل على هذا بدليلين: الأول: ظاهر النصوص كقوله تعالى: (وما خلقت الجن والأنس إلاّ ليعبدون)(3)، وقوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ:(حق الله على عباده: أن يعبدوه، لا يشركوا به شيئاً) والعبادة فعل لا حكم.
الثاني: أن حق الله معناه: اللازم له على عباده، واللازم على العباد لابد أن يكون مكتسباً لهم، وكيف يصح أن يتعلق الكسب بأمره وهو كلامه وهو صفته القديمة ؟ ! فلابد أن يكون حق الله فعل الإنسان الذي هو متعلق الحكم، وليس الحكم نفسه؛ لأنه خطاب الله، وهو قديم لا يمكن أن يكون حقاً لله على العباد(4).
ويلاحظ أن الشاطبي في الموافقات قد بين: أن الأحكام الشرعية حقوق لله من جهة وجوب الإيمان بها، وشكر المنعم عليها، وعدم التلاعب بها، وأنها من اختصاص الله وحده (5)، ومقتضى كلام الشاطبي هذا: أنه يجوز إطلاق الحق على حكم الله بمعنى: أن على الناس الإيمان به حقا لله، والإيمان فعل مقدور للإنسان، لا بمعنى الخطاب.
وعلى هذا الفهم يمكن حمل تعريف الحق: بأنه حكم يثبت. وهو المعنى المتبادر
___________________________________________________
1 ـ القرافي، الفروق 1: 140 ـ 142.
2 ـ الشيخ أحمد أبو سنة، النظريات العامة للمعاملات: 55 حيث ذكر أن الذي منع هو القرافي.
3 ـ الذاريات: 56.
4 ـ ابن الشاط، الحاشية على الفروق للقرآفي 1: 140 ـ 142، والشيخ محمد علي حسين، تهذيب الفروق للقرافي 1: 157.
5 ـ الشاطبي، الموافقات 1: 315 و 321.