ـ(81) ـ
التعريفان يكتنفهما الغموض لعموم لفظ(ما)، ولما يلزم فيهما من دور(1).
ب ـ وعرفه الشيخ عبد الحليم اللكنوي في حاشيته( قمر الأقمار على نور الأنوار شرح المنار) قائلاً:( الحق الموجود والمراد هنا حكم يثبت). وقد انتقد هذا التعريف بأنه غير قويم؛ لأن الحكم في اصطلاح الأصوليين هو خطاب الشارع... وواضح أن الحق ليس الخطاب، إنما هو أثر الخطاب، وإن أريد بالحكم هنا اصطلاح الفقهاء ـ أي: أثر الخطاب ـ فالتعريف غير مانع، لأن الأثر لا يقصر على ما جعله الشارع ثابتاً ولازماً، بل يشمل أيضاً ما جعله الشارع مباحاً، كما يشمل أيضاً الأحكام الوضعية، وبذا يكون هذا التعريف تعريفاً بالأعم، فكل حقٍ حكم، وليس كل حكمٍ حقاً، فعلى ذلك يكون التعبير بلفظ(الحكم) مبهماً لا يبين حقيقة الحق وعناصره التي يجب أن يكشف عنها التعريف(2).
جـ ـ وعرف القرافي في الفروق حق الله: بأنه أمره ونهيه، أي: الخطاب نفسه، وحق العبد: بأنه مصالحة(3)... ثم علق على ذلك بقوله:( ما تقدم من أن حق الله تعالى أمره ونهيه مشكل بما في الحديث الصحيح عن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ أنه قال(حق الله تعالى على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً)(4). فيقضي أن حق الله تعالى على العباد نفس الفعل، لا الأمر به، وهو خلاف ما نقلته قبل هذا. والظاهر أن الحديث مؤول، وأنه من باب إطلاق الأمر على متعلقه الذي هو الفعل. وبالجملة: فظاهره معارض لما حرره العلماء من حق الله تعالى، ولا يفهم من قولنا: الصلاة حق الله تعالى إلاّ أمره بها، إذ لو فرضنا أنه غير مأمور بها لم يصدق
__________________________________________________
1 ـ الدريني، المرجع السابق: 184، الشيخ الخفيف، الملكية في الشريعة الإسلاميّة 1: 2.
2 ـ مصطفى الزرقاء، المدخل إلى نظرية الالتزام العامة في الفقه الإسلامي: 15، والدكتور الدريني، الحق ومدى سلطة الدولة في تقييده: 187.
3 ـ القرافي، الفروق 1: 140 ـ 142.
4 ـ الحديث أخرجه مسلم وأحمد والحاكم والبزار وغيرهم، ومسلم، الصحيح بشرح النووي1: 231، والهيثمي، مجمع الزوائد 1، 50.