ـ(67)ـ
يتخير العامي في الرجوع إلى أيهما، كما يجوز له التبعيض في المسائل، يأخذ بعضها من أحدهما وبعضها من الآخر)(1).
الآراء في المسألة وتاريخها
حاول الشيخ الألباني استعراض جملة من الآراء، فأكد على أن التلفيق وإن لم يكن في عصره ـ صلى الله عليه وآله ـ باعتباره من العوارض التي لا يمكن وجودها حين التبليغ والتشريع ولكنه كان سارياً في عصر الصحابة والتابعين رضي الله عنهم، فقد كان المرء يستفتي بعضهم في مسألة، ثم يستفتي غيره في غيرها، ولم ينقل عن أحد منهم قوله بوجوب مراعاة أحكام مذهب من قلده، ولم يؤثر ذلك عن الأئمة الأربع وغيرهم من المجتهدين، بل نقل عنهم ما يشير إلى خلاف ذلك.
ويستطرد فيقول:(فظهر من هذا: أن أخذ المستفتي في عهد السلف بقول أحد علماء الصحابة في مسألة وأخذه بقول غيره من الصحابة أو التابعين في مسألة ثانية لا يقال له تلفيق ولو أدى إلى تركب حقيقة لم يقل بها المفتيان، بل هو من قبيل تداخل أقوال المفتين بعضها في بعض تداخلاً طبيعياً غير ملحوظ ولا مقصود، كتداخل اللغات بعضها ببعض في لسان العرب)(2). وهكذا اعتبر طرح مسألة التلفيق بهذا النحو أمراً مستحدثاً.
ونقل عن العلامة الكواكبي في كتابه(أم القرى) الإنكار على منكري جواز التلفيق، وقوله:(والحال ليس ما يسموه التلفيق إلاّ عين التقليد). وأضاف:(وكل مقلد عاجز طبعاً عن الترجيح بين مراتب المجتهدين، فبناء عليه يجوز له أن يقلد في كل مسألة دينية مجتهداً ما ـ ويضيف ـ: وهل يتوهم مسلم أن أبا حنيفة كان يمتنع أن يأتم
_________________________________
1 ـ تحرير الوسيلة 1: 6.
2 ـ عمدة التحقيق: 94.