ـ(62)ـ
إنما الكلام في نواب الغيبة بالنسبة إلى المرافعة إلى المفضول منهم وتقليده مع العلم بالخلاف وعدمه، والظاهر الجواز؛ لإطلاق أدلة النصب المقتضي حجية الجميع على جميع الناس، وللسيرة المستمرة في الإفتاء والاستفتاء منهم في الفضيلة. ودعوى الرجحان بظن الأفضل يدفعها، مع أمكان منعها في كثير من الأفراد المنجبر نظر المفضول فيها في زمانه بالموافقة للأفضل في الأزمنة السابقة وبغيرها.
إن لا دليل ـ عقلاً ونقلاً ـ في وجوب العمل بهذا الرجحان في خصوص المسألة، إذ لعل الرجحان في أصل شرعية الرجوع إلى المفضول وإن كان الظن في خصوص المسألة بفتوى الفاضل أقوى، نحو: شهادة العدلين.
ومع فرض عدم المانع عقلاً فإطلاق أدلة النصب بحاله، ونفوذ حكمه في خصوص الواقعة يستلزم حجية ظنه في كليها، وأنه من الحق والقسط والعدل، وما أنزل الله فيجوز الرجوع إليه تقليداً أيضاً.
بل لعل أصل تأهل المفضول وكونه منصوباً يجري على قبضه وولايته مجرى قبض الأفضل من القطعيات التي لا ينبغي الوسوسة فيها، خصوصاً بعد ملاحظة نصوص النصب الظاهرة في نصب الجميع الموصوفين بالوصف المزبور، لا الأفضل منهم، وإلا وجب القول: انظروا إلى الأفضل منكم، لا(رجل منكم) كما هو واضح بأدنى تأمل. ومع ذلك يعلم: أن نصوص الترجيح أجنبية عما نحن فيه من المرافعة ابتداءاً، أو التقليد لذلك مع العلم بالخلاف وعدمه، ومن الغريب اعتماد الأصحاب عليها في إثبات هذا المطلب، حتى أن بعضاً منهم جعل مقتضاها ذلك مع العلم بالخلاف الذي هو عن جماعة دعوى الإجماع على تقديمه ـ حينئذٍ ـ لا مطلقاً، فجنح إلى التفصيل في المسألة بذلك.
وأغرب من ذلك الاستناد إلى الإجماع المحكي عن المرتضى في ظاهر الذريعة، والمحقق الثاني في صريح حواشي الجهاد من الشرائع على وجوب الترافع ابتداءاً إلى الأفضل وتقليده، بل ربما ظهر من بعضهم (المفضول لا ولاية له أصلاً مع وجود