ـ(235)ـ
منحها الله للإنسان وجعلها حسب إرادته واختياره، فإذا أشبع الإنسان هذه الغرائز بغير الطريقة التي حددها له الشارع فإنه يكون مسؤولاً عن هذا الإشباع الخاطئ، الواقع في الدائرة الاختيارية عنده.
والأمور الفطرية كما أنها موجودة عند كل إنسان فإنه يضاف إلى ذلك أنها من الأمور الثابتة له، فلا تتبدل ولا تتغير، ولا يستطيع أحد أن يغير الأمور الفطرية عند الإنسان(لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون).
أراء العلماء في معنى(الفطرة):
الفطرة مع مولد البشرية كان ميلاد عقلها وميلاد عقيدتها. وإذا كان الإنسان ـ كما يقولون ـ: مدنيا بطبعه فهو متدين بفطرته، فالدين متأصل في النفوس، والاعتراف بالربوبية مستقر في أعماق البشر منذ الأزل.
فالدين القيم هو:(فطرة الله، وصبغة الله )، وأن الأناسي جميعاً خلقوا على هذه الفطرة الدينية، وعلى تلك الجبلة القائمة على معرفة الله والاعتراف به:(فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم)(1).
ولقد سئل العلماء والعارفون فيما بعد عن معنى الآية ؟ فقالوا: فطرهم على التوحيد عند أخذ الميثاق أو العهد عليهم، وعلى معرفته بأنه ربهم.
إن الآية تفسير نفسها بنفسها، إذا أن الفطرة هي: الدين الحنيف، هي:(الإسلام، هي: التوحيد، هي: البداءة التي ابتدأهم الله عليها، ابتدأهم للحياة والموت والسعادة والشقاء، والى ما يصيرون عليه عند البلوغ)(2).
_______________________________________________
1 ـ الروم: 30.
2 ـ تفسير القرطبي 14: 25.