ـ(129)ـ
المصالح(1) فيترجح المنع.
ولعل الأنسب أن يقال: إنه لو أمكن للمالك أن يتخذ الاحتياطات الضرورية في تصرفه في ملكه بما هو نفع له ربما يكون ضرر الغير ـ حينئذٍ ـ من الضالة بمكان في قبالة نفع المالك، فلا وجه ـ حينئذٍ ـ للمنع. وأمر هذا يوكل إلى العرف وأهل الخبرة: فإن تسامحوا فيه بحيث يعد كلاً ضرر، وإلاّ فلا. وهذا يقتضيه كمال الامتنان في نفي الضرر، والله أعلم.
المطلب الرابع
حالة تعارض ضررين بين شخصين بتدخل عنصر آخر
وفي هذه الحالة أورد أكثر الفقهاء مثلاً هو: فيما إذا ابتلعت دجاجة أحدهم لؤلؤة لآخر، أو أدخلت دابة رأسها في إناء لآخر ولم يمكن تخليص أحدهما إلاّ بإتلاف الآخر فهنا صورتان:
الأولى: صورة وقوع الضررين بتفريط من مالك أحد المالين، أو من كليهما.
والثانية: وقوع الضررين بدون تفريط أو تدخل من أحد كأن يكون قضاء وقدراً كما لو التقطت الدجاجة لؤلؤة آخر سقطت منه.
ومن الأمثلة التي يمكن إيرادها في المقام هي: ما لو دخلت سيارة بسبب حدوث عطل مفاجيءٍ بناية لآخر، ومثله: ما لو ابتلع حيوان مستنداً مالياً لآخر، أو قطعة ذهبية، أو نحو ذلك.
وعلى أية حال: ففي جميع الصور المذكورة يلزم مراعاة ما ضرره أعظم بارتكاب الأخف والأقل لتخليص ما هو الأهم، أو ما قيمته أكبر مع التعريض، أي: الضمان عن الأضرار التي تنشأ عن ذلك إن حصل الأمر بتفريط من أحد(2).
____________________________________
1 ـ الأشياء والنظائر للسيوطي: 87.
2 ـ الأشياء والنظائر للسيوطي 86/ 87، والأشياء والنظائر لابن نجيم: 88.