ـ(130)ـ
وأما إذا كان الضرران بفعل أحد المالكين أو بتفريط أحدهما: فقد ذهب الشافعية(1) والحنفية(2) والحنابلة(3) والإمامية(4) إلى إلزام من استند إليه الضرر تخليص مال الآخر وتسليمه إليه؛ لأنه مع وجود عين ماله لا يصار إلى البدل من المثل أو القيمة إلاّ عند تعذر الرد، هذا مع مراعاة أعظمهما ضرراً.
فلو أدخلت دابة ـ مثلاً ـ رأسها في قدر ولم يخرج إلاّ بكسر القدر كسرت لتخليصها، ولا تذبح ولو كانت مأكولة اللحم. ثم إن كانت بصحبة مالكها فعليه الإرش لتفريطه. وإن لم يكن معها: فإن كان صاحب القدر متعدياً بأن وضعها بموضع لا يحق له فيه أو كان له حق فيه لكنه كان قادراً على دفع البهيمة فلم يدفعها فلا إرش له بكسر القدر، وإن كان الأمر بتفريطهما معاً اشتركاً في الغرامة(5).
وفي مثل هذه الحالة: لو كان السبب في دخول الدابة أو سقوط الدينار في المحبرة شخص ثالث فيستقر عليه الضمان، وهو يتخير ـ حينئذٍ ـ بين إتلاف أي المالين لتخليص الآخر.
قال الشيخ السبحاني في هذه الصورة: إنه ـ حينئذٍ ـ بطبعه لن يختار إلاّ الأقل ضرراً(6)، لكن فقيه آخر ذهب إلى أن المتعين في حقه هو اختيار الأقل باعتبار لزوم التبذير المحرم شرعاً إن لم يختر الأقل(7).
الأمثلة التي أوردها الفقهاء حالة دخول حيوان لشخص في دار لآخر وتعذر إخراجه إلاّ بنقض الدار أو جانب منها:
____________________________________________________________
1 ـ الأشباه والنظائر للسيوطي: 86.
2 ـ الأشباه والنظائر لابن نجيم: 88، وتكملة شرح فتح القدير للبهوتي 9: 342.
3 ـ شرح منتهى الإرادات للبهوتي 2: 404.
4 ـ مصباح الفقاهة للإمام الخوئي 2: 563.
5 ـ مغني المحتاج للشربيني 2: 295، وشرح منتهى الإرادات 2: 404.
6 ـ قاعدتان للشيخ جعفر السبحاني.
7 ـ قاعدة الضرر للشيخ الزنجاني: 117.