ـ(128)ـ
وذهب أكثر الشافعية(1) إلى عدم المنع في مثل هذه الحالة بشرط أن يحتاط ويحكم الجدران بما لايتأدى من المديغة والاصطبل والطاحونة ضرر بين.
وذهب جمهور الإمامية(2) إلى عدم المنع لو كان تصرفه على الوجه المعتاد، وإلا فيمنع، ويضمن ما تسبب من ضرر للغير.
استدل الشافعية(3) بان في منعه إضراراً به، والضرر لا يزال بالضرر، وهو ليس متين؛ لأن الافتراض في المسألة هو: فوت النفع على المالك، ولا يعد ضرراً، بل فيه تردد(4).
وأما ما احتج به الشيخ الأنصاري(5) بأنه ـ حينئذٍ ـ يكون من قبيل الحرج عليه، ولذا لا يمنع لحاكمية(لا حرج) على( لا ضرر)، فقد نوقش في رأيه.
إن منع المالك من التصرف في ملكه بما فيه منفعه لا يعد حرجاً مطلقاً؛ لأن الحرج المنفي إنما هو بمعنى: المشقة التي لا تتحمل عادة، وهو مفقود في المقام.
وأما حاكمية( لا حرج ) على( لا ضرر): فلا وجه له؛ لأن كل واحد منهما ناظر إلى الأدلة الدالة على الأحكام الأولية، ويقيدها بغير موارد الحرج والضرر، فهما في مرتبة واحدة(6)، فلا مورد للحاكمية هنا. وأيضاً: فإن فوت النفع لو عد ضررا تجوزاً فهو لا يزاحم الضرر البين، وليس في قوته. ولما كان الميزان في الترجيح: ارتكاب أخف الضررين فيكون منع المالك من التصرف بما له منفعة فيه أخف من تصرفه مع لحوق ضرر بالغير، على أنه قد تقرر في قواعد الشرع أن درء المفاسد أولى من جلب
___________________________________________________________
1ـ نهاية المحتاج، للرملي 5: 333
2 ـ الروضة البهية في شرح اللمعة 7: 233.
3 ـ نهاية المحتاج، الإشارة السابقة.
4 ـ راجع تحرير المجلة، لكاشف الغطاء: 28
5 ـ الفرائد، للشيخ الأنصاري، الطبعة الحجرية: 298.
6 ـ راجع: مصباح الفقاهة، للإمام الخوئي(قدس سره) 2: 265.