ـ(127)ـ
يوكل الأمر إلى العرف في تحديد حجم الضرر وطبيعته.
الصور الثانية: أن يكون تصرفه في ملكه يلحق ضرراً بالغير، وفي تركه التصرف فوت نفع له. وهنا اتجاهات:
1 ـ اتجاه ذهب إليه متأخروا الحنفية(1)، وجماعة من الشافعية(2)، وهو المذهب عند الحنابلة(3)، والمشهور عند الإمامية(4).
وهو: منع المالك من التصرف إذا استلزم إلحاق ضرر بالغير: كالجار مثلاً.
واستند أكثرهم إلى عموم حديث(لا ضرر).
2 ـ اتجاه ذهب إليه ابن حزم الظاهري(5)، وهو: عدم المنع في مثل هذه الصورة كالسابق أيضاً مستنداً إلى نفس الدليل.
3 ـ اتجاه بالتفصيل: فذكر ابن رجب الحنبلي: أنه إن كان له في تصرفه غرض صحيح مثل: أن يتصرف في ملكه بما فيه مصلحة له فيتعدى ذلك إلى ضرر غيره، أو يمنع غيره من الانتفاع بملكه فيتضرر الممنوع. ففي مثل هذه الحالة ينظر: إن كان تصرفه على غير الوجه المعتاد فأضر بالغير يضمن. وإن كان على الوجه المعتاد ففيه قولان مشهوران:
أحدهما: لا يمنع، والثاني: المنع، وهو قول أحمد بن حنبل(6). وهذا الرأي يوافق ما عليه الامام مالك(7)
في بعض الصور. وأكثر الحنفية(8) على المنع مع الضرر الفاحش.
__________________________________________________________
1ـ فتح القدير 6: 415، وراجع: الهداية، للمرغيناني 4: 106.
2ـ الفتاوى الكبرى، لابن حجر 3: 167.
3 ـ جامع العلوم والحكم، لابن رجب الحنبلي: 290.
4 ـ الروضة البهية في شرح اللعمة الدمشقية، للشهيد الثاني 7: 33.
5 ـ المحلى 8: 241.
6 ـ جامع العلوم والحكم، الإشارة السابقة.
7 ـ تبصرة الحكام، للطرابلسي 2: 305.
8 ـ بدائع الصنائع 6: 264.