ـ(125)ـ
الأول: ذهب إليه أكثر الحنفية(1)، وهو المشهور عند الشافعية(2) والإمامية(3)، واختاره ابن حزم الظاهري(4)، وهو: عدم منع المالك من التصرف في ملكه وإن ترتب عليه ضرر بالغير. واستدلوا بقولهم:( إن منع المالك من التصرف في ملكه مراعاة لنفع غيره لا وجه له في الشريعة، بل هو أبلغ الضرر على ما ذهب إليه ابن حزم)(5).
الثاني: وذهب إليه المالكية والحنابلة(6) وجماعة من الإمامية(7)، وهو منع المالك في صورة تضرر الجار أو الغير. وقد استدل الذاهبون إلى الجواز بأمور:
الأول: بقاعدة( الناس مسلطون على أموالهم)(8).
الثاني: إن الجواز الشرعي ينافي الضمان، ومقتضاه: أن الفعل إذا كان جائزاً شرعاً لا يترتب على من قام به ضمان بسبب ما ينشأ عن هذا الفعل، إذ تسويغ الشارع للفعل يقتضي رفع المسؤولية عنه، وإلا لما كان جائزاً(9).
الثالث: إن نفي الضرر امتنانية، ولا امتنان في تحمل الضرر لدفعه عن الآخرين وإن كان أكثر(10).
أما الاتجاه الآخر ـ أي: الرأي القائل يمنع المالك من التصرف في حالة ترتب ضرر على الغير ـ فقد استدلوا عليه بأمور:
الأول: إن الحقوق ليست مطلقة في الشرع، وإنما هي مقيدة بعدم إساءة
___________________________________________________________
1ـ بدائع الصنائع 6: 264، جامع الفصولين لابن قاضي سماونة 2: 207.
2 ـ الام للإمام الشافعي 3: 222.
3 ـ فرائد الأصول للشيخ الأنصاري 2: 538، ونقل دعوى الوفاق عليه عن الشيخ والحلبي وابن زهرة.
4 ـ المحلى 8: 241.
5 ـ المصدر السابق.
6 ـ جامع العلوم والحكم لابن رجب: 290.
7 ـ فرائد الأصول، الإشارة السابقة في هامش(3).
8 ـ المصدر السابق.
9 ـ قاعدة الجواز الشرعي تنافي الضمان وقد أشير إليها سابقاً.
10 ـ مصباح الفقاهة للإمام الخوئي 2: 564.