ـ(124)ـ
فأما استحقاق صاحب الدار المهدومة الضمان والتعويض: فلأنه إذا كان من الجائز دفع الضرر العام بتحمل الضرر الخاص، إلاّ أنه مشروط بأن لا يلحق بالخاص ضرر لا ينجبر كما نبه إلى ذلك الشاطبي(1). وأيضاً: فلأن الاضطرار لا ينافي الضمان(2)، ولا يبطل حق الغير.
وأما لزوم الضمان على أهل المحلة: فلأنهم الجهة المستفيدة من هدم الدار، إذ لولا الهدم لما توقف سريان الحريق. وقاعدة الغرم بالغنم(3) تأبى أن يستفيد أحد على حساب تضرر آخر، فيلزم الضمان من هذا الوجه.
وكذلك من الجائز إلقاء الأمتعة والأموال بالغة ما بلغت من السفينة إذا توقف على ذلك تخليص الركاب. ذهب إلى ذلك فقهاء الحنابلة(4) والمالكية(5). وقاعدة دفع الضرر الأكبر والأشد فالأقل والأخف تقتضي ذلك(6).
المطلب الثالث
حالة التعارض بين ضررين بالنسبة إلى شخصين بفعل أتحدهما
وهي حالة لو تصرف أحد الشخصين وترتب على تصرفه ضرر، وعلى تركه ضرر، وهنا صورتان:
الصور الصورة الأولى: لو كان في تصرفه ضرر على الغير، وفي تركه التصرف ضرر عليه، فهنا اتجاهان:
___________________________________________________________
1ـ الموافقات 2: 354.
2 ـ راجع مصباح الفقاهة للإمام الخوئي 2: 267، قال:(ليس هناك ملازمة بين الجواز الشرعي وعدم الضمان).
3 ـ المدخل الفقهي العام للزرقا 1: 690.
4 ـ راجع: القواعد الفقهية لابن رجب الحنبلي: 37.
5 ـ راجع: أسهل المدارك للكشناوي المالكي 3: 69.
6 ـ راجع ما نقلناه من كلمات الفقهاء في تقرير هذه القاعدة.