ـ(123)ـ
بالنسبة إلى شخصين فإنه يترجح الأقل ضرراً. وعلل ذلك: بأن مقتضى نفي الضرر عن العباد في مقام الامتنان عدم الرضا بحكم ضرره أكثر من الحكم الآخر؛ لأن العباد كلهم متساوون في نظر الشارع، بل هم بمنزلة عبد واحد..)(1).
ومن صور ذلك: لو أكرهه على الإضرار بمال زيد أو بعرضه أو بعرض آخر مطلقاً فلا مناص أنه يختار الإضرار بالمال؛ لكون العرض أهم في نظر الشارع.
وقد استند بعض الفقهاء إلى رواية سمرة(2) في قوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ:( إنك رجل مضار، ولا ضرر ولا ضرار في الإسلام). إذ أمر النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ بإخراج نخلة سمرة ورميها خارجاً مراعاةً لضرر الأنصاري؛ لأن الضرر هنا يتصل بالعرض(3).
وكذلك لو أكرهه على الإضرار بزيد أو عمرو فينظر الضرر الأكبر أو الأشد(4).
بحسب حال كل. ومع التساوي يتخير كما مر.
وفي صورة لو اضطر سائق سيارة إلى أن يدهس شخصاً أو يصعد الرصيف ـ مثلاً ـ فيتلف مالاً أو متاعاً فلا مناص ـ حينئذٍ ـ من ارتكاب الإضرار بالمال تفادياً للدهس؛ لأن ضرر النفس أكبر وأشد. وكذلك له أن يهدم دار أحد الأشخاص إذا توقف بهدمها سريان الحريق إلى المحلة؛ لأن الضرر الخاص يتحمل لدفع الضرر العام(5). واشترط الحنفية في هذه الحالة إذن ولي الأمر، وإلاّ فهو ضامن(6). ولعل الأولى هنا الضمان على الدولة إن كان بإذن ولي الأمر، و إلاّ فعلى سكان المحلة.
___________________________________________________________
1ـ راجع قاعدتان فقهيتان للشيخ جعفر السبحاني: 94، والموافقات للشاطبي 2: 348.
2 ـ سنن أبي داود 4: 6 برقم 3874.
3 ـ راجع: الرسائل للشيخ الأنصاري: 295، والطرق الحكمية لابن قيم الجوزية: 264.
4 ـ راجع: تحرير المجلة لكاشف الغطاء 1: 27.
5 ـ راجع: القواعد والفوائد للشهيد الأول 1: 144، والموافقات للشاطبي 2: 350، والأشباه والنظائر للسيوطي: 85.
6 ـ راجع: رد المحتار لابن عابدين 5: 14.