/ صفحه 8/
يقول الله تعالى: (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغى) حقيقة يقررها القرآن، ويواجه بها الذين شرع قتالهم، وليس من المعقول أن يواجههم بها وهو يعمل على نقيضها. ويقول للرسول(صلى الله عليه وآله وسلم): (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكرة النّاس حتى يكونوا مؤمنين؟).
وهذا أيضا تقرير للحقيقة نفسها عند الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) وإرشاد إلى أن الله سبحانه وتعالى ترك النّاس واختيارهم في الإيمان والكفر، وأنه لوشاء أن يكونوا جميعا مؤمنين لخلقهم على طبيعة الإيمان بحيث لا يستطيعون أن ينخلعوا منه إلى الكفر.

ويقول في شأن فرعون حين أدركه الغرق فآمن: (آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين؟) يريد أن هذا الإيمان الذي نطقت به في تلك الحال التي رأيت فيها ما رأيت من العذاب لا يعتد به ولا ينفعك، ولا يتقبله الله وهو يدل على أن الإيمان المعتد به ما كان نابعاً من القلب.
ويقول:(فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنا لك الكافرون).
وهذه أيضا آية صريحة في تقرير تلك الحقيقة وهي إهدار دعوى الإيمان تحت سلطان اليأس والقوة.
وكما نجد هذا في إهدار الإيمان تحت سلطان القهر والقوة نجد عكسه في القرآن أيضاً. تجد إهدار مظهر الكفر مع اطمئنان القلب بالإيمان. وفي ذلك يقول الله عزوجل:
(من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم).
من هذا كله يتبين أن الإسلام يأبى أن يعترف بمظهر الإيمان الناشىء عن القهر والإلجاء كما لا يعباً بمظهر الكفر تحت الضغط والإكراه مع اطمئنان القلب بالإيمان.

الرسول ليس مسئولا عن الكافرين: