/ صفحه 7/
اتخذ المثيرون لهاتين الشبهتين من هذا الاقتران دليلا على أن الحرب لم تكن في الإسلام إلا لقصد إكراه النّاس على اعتناقه، وعلى أن غزوة بدر لم تكن إلا بسبب محاولة الاستيلاء على أموال قريش.
إن اقتران شيء بشيء الوجود لا يدل بمجرده على سببية أحدهما للآخر.
يعلم هذا أصحاب العقول المتوسطة كما يعلمه أصحاب العقول الراجحة، وإن الشأن في معرفة الأسباب والمسببات إنما هو الفحص والتعمق، وعدم الاكتفاء بالنظرة السطحية.
إننا لو نظرنا إلى هذا الموضوع نظرة منصفة فاحصة لتبين لنا أن الزعم الذي زعموه في هاتين المسألتين باطل.
تفنيد الشبهة الأولى:
أما في المسألة الأولى فلما يأتي:
إن حقيقة الإيمان ترجع دون منازعة أحد إلى الإذعان القلبي، والاطمئنان إلى حقيقة من الحقائق بحيث لا يقترب منها شك. فإذا وجد هذا المعنى في القلب وجدالإيمان وتحقق، وإذا لم يوجد لم يوجد الإيمان ولم يتحقق.
لا سلطان للاكراه في الإيمان:
ولا ريب أن الإكراه ليس له سلطان على القلوب، وإنما سلطانه على الجوارح والظواهر، والأعمال.
فهل نستطيع أن نقرر أن الغاية التي كان يعمل لها الإسلام هي مجرد إخضاع الجوارح وإكراهها على أن تظهر صورة الإيمان، وحسب محمّد هذا في تبليغه رسالة ربه؟
لا نستطيع ولا يستطيع أي منصف أن يجيب بنعم، ذلك أن نصوص الإسلام في كتاب الله جل وعلا صريحة في أن الإكراه لا يكون في الدين.