/ صفحه 408/
السنة والشيعة، بل بين مذاهب أهل السنة فيما بينها، ومذاهب الشيعة فيما بينها أيضا، وكان للسياسة دخل كبير في ذلك، وكان للحكام أهداف من ورائه.
ولكن كان في المسلمين دائماً منصفون من كل طائفة، يرون أن الخلاف بين الفريقين ليس جوهرياً، وليس في أصول الدين التي ظل الإيمان بها قائماً متفقاً عليه، غير أن الجمهور والعامة في كل زمان هم الذين يضخمون دائماً أسباب القطيعة، ويتقبلون سعي النافحين في رمادها من أهل الأغراض ولأهواء.
وفي العالم الإسلامي الآن حركة جديدة يراد بها التقريب بين الطوائف المختلفة، وجمع كلمتهم حول الأصول الأصلية المتفق عليها، وعلى أنها أركان ضرورية في الإسلام، وأن يعذر كل فريق مخالفيه فيما وراء هذه الأصول، ومركز هذه الحركة الآن في القاهرة، حيث ألفت منذ أكثر من عشر سنوات جماعة باسم ((جماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية)) تضم علماء من الجامعة الأزهرية، وعلماء من الشيعة الإمامية، ويمثل الأولون مذاهب السنة الأربعة، كما يمثل الآخرون مذهبي الإمامية الأثنى عشرية في إيران والعراق وغيرهما، والزيدية في اليمن، وقد كان على رأس هذه الجماعة عالم كبير سني حنفي تولى منصب الإفتاء في مصر ثمانية عشر عاما، وتولى منصب مشيخة الأزهر مرتين إلى سنة 1952، وهو المرحوم الشيخ عبد المجيد سليم، كما كان في عضويتها وما زال كثير من رجال الكفر والعلم في مختلف المذاهب الستة، وبعضهم ممن تولوا مناصب الوزارة وغيرها، ولهذه الجماعة دار بها مكتبة حاوية لمختلف كتب المذاهب، ومجلة منتظمة الصدور رفيعة البحوث، تدعوا إلى فكره التقريب، ويكتب فيها أعلام الفريقين: أهل السنة والشيعة، ومراسلون في مختلف البلاد الإسلامية، وفروع في بعضها متعاونة مع المركز الرئيسي.
ووزارة الأوقاف بالقاهرة وعلى رأسها سني، تؤيد هذه الجماعة، وتؤازر سعيها، وقد قامت بطبع كتاب من كتب الشيعة الإمامية قدمته لها جماعة التقريب، كمنذج للتفكير الفقهي الشيعي يعرض على علماء السنة في المساجد والمعاهد والجماعات، كل ذلك يدل على اتجاه جديد في العلاقات بين أهل السنة والشيعة ينبغي أن