/ صفحه 403/
وقال أهل السنة: إن أي فرد من عشيرة محمد ـ أي من قريش ـ يمكن أن يختاره الناس للخلافة; مما جعل باب الاختيار واسعا، ونظروا إلى الخليفة على أنه الوريث المباشر للنبي، وعلى ذلك يكون القائد الأعلى للجيش، والرئيس الديني للمسلمين.
أما الخوارج فقد قالوا بأن الخلافة أمر مباح يستطيع أن يتولاه كل مؤمن صالح مهما كان أصله ومولده ما دام جميع المؤمنين إخوة في الإسلام، وقد انقرضت هذه الفرقة الدينية الآن، اللهم إلا بعض من بقي منهم في جماعات صغيرة في شمال إفريقيا. أما الجماعة الثالثة: وهم الشيعة: فقد قالوا بضرورة الانتساب إلى على الذي كان ابن عم محمد، وكان له بمثابة الابن، وكان زوجا لابنته المحبوبة فاطمة، واعتقد الشيعة أن نفوذ محمد وسلطانه قد تجسدا في علي، ومعنى ذلك من الناحية الفلسفية أن الخليفة فرد نقل الله إليه نفوذ محمد وسلطته، لم يتجسد محمد نفسه في على، ولكن كانت له شبه قدسية بسبب القوة الإلهية التي حلت فيه.
ويزوال الخوارج من مسرح الحوادث أصبح الفريقان الرئيسيان في العالم الإسلامي هما أهل السنة والشيعة ويعتبر كل منهما أن الآخذ لا يسير في الطريق المستقيم، بل ويرميه بالمروق، وظل أهل السنة الذين كانوا يسكنون في بلاد العرب وفي مصر أقرب إلى الإسلام الأصلي، وبالرغم من أنهم جماعة محافظة فإن بعض التعديلات قد وجدت لها سبيلاً إلى مذهبهم الديني، وذلك لقبولهم لفكرة ((الإجماع)) وهو الاعتقاد بأنه نظراً لأن الله هو المسيطر على كل ما في الوجود، فإن أي عادة غير ضارة يقبلها المسلمون تبقى، لأن الله يريد ذلك، وبالرغم من أنها ربما كانت تتعارض مع الدستور القرآني والحديث. وقد أفاد هذا المبدأ السنيين الذين خرجوا للتبشير بالدين الإسلامي فائدة كبيرة في عملهم، وبخاصة في أفريقيا، فقد استطاع أولئك الدعاة أن يلائموا بين العقائد الإسلامية وبين العادات المحلية للزنوج الأفريقيين