/ صفحه 402/
يختص بالتاريخ المقدس الأسلامي، وهي ما زالت حتى الآن المصدر الأساسي لدارسة الإسلام، واستمد القرآن أكثر ما حواه من تشريعات من القوانين التي كان الناس متعارفين عليها في أيام ما قبل الإسلام مع القليل من التغييرات، ولا شك أن القوانين التي وردت في القرآن هي تحسينات عظيمة في كل حالة من الحالات على القوانين السابقة، لأن محمداً كان مصلحاً اجتماعياً، فنرى في القرآن مثلا مصاً على أن السيد يجب أن يكون رحيماً بمن يملكه من العبيد، وهناك أمر آخر يحرص عليه المسلمون جميعاً، وهو أن المؤمنين جميعاً إخوة ومتساوون اجتماعياً، وإلى جانب ذلك فقد ورد أيضا في الأسلام، لأن الله الذي خلق الكون ويدبر أموره يستطيع أن يجعل من أي إنسان شخصاً متسولاً في أي يوم من الأيام، وأن يجعل منه سلطاناً في اليوم الثاني إذا شاء ذلك وأراده، وقد أثبت الإسلام في جميع أودار تاريخه مرونة غير عادية في نظمه الاجتماعية.
ولكن لم تكد تمضى خمسون سنة على موت محمد حتى انقسم الإسلام إلى ثلاث فرق رئيسية، وقد انقسمت هذه الفرق وتفرعت عنها فيما بعد فرق أخرى، فبالرغم من بساطة تعاليم الإسلام ووضوحها فقد ترتب على ارتفاع شأن ذلك الدين أن سارت بعض جماعات منه في اتجاهات مختلفة، فعند ما انهارت القبائل المجاورة أصبح أمر السيطرة عليها لقمة سائغة تستحق التنافس على الحصول عليها، ولهذا السبب أصبح موضوع الأحقية الشرعية في تولي الخلافة أمراً على درجة كبيرة من الأهمية، وكان أبناء محمد من الذكور قد ماتوا وهم في سن الطفولة، ثم مات بعد ذلك حفيداه في الحروب الداخلية بشأن تولي الخلافه، وكان النبي قد اختار ((أبا بكر)) ليتولي شئون الأمة من بعده، وكان أبو بكر من أوائل الصحابة، وكان أبا لإحدى زوجاته، ولكنه كان شيخاً كبيراً، ومات بعد محمد بعامين، ثم حدث بعد ذلك انشقاق في الإسلام، وانقسم الناس إلى معسكرات ثلاثة، وهم: أهل السنة، والخوارج، والشيعة.