/ صفحه 39/
قلت: ذلك من حيث التاريخ أمر تافه يكاد يكون عدما: أمر لم يشغل إلا تابط شرا وزوجه فالقتيل بن عمها. ولعل الشعر الذي قيل لهذه المناسبة هو الشي الوحيد الذي قد تشتغل به قلة من النّاس يعنيها الشعر الجاهلي ((أما أن يكون المعقول فيه الشعر ضخم الجزارة كأنه شجرة أو جوادا يسقى ضيفه اللبن أو يطعمه التمر ولحم حمر الوحش أو شجاعا يثبت لثلاثة أو عشرة.. مأمور معذور من يسخر منا أشد السخرية إذ نعالجها.
قال: فعلاجها أيسر خطباً وأصدق صدقاً وأقرب إلى المنفعة وأبعد عن الضرر من فكرة السلام العالمى. هل تعد خمسين سنة أو ستين شيئا كثيراً في نبأ الإنسانية ماضيها وحاضرها وقابلها؟ إن هذه الفترة لا تعدو أن تكون ذرة في محيط الآدمية. أفتدرى ماذا كان العلماء في أوربا يقولون عما تسمونه الآن القانون الدولى، كانوا يسمونه قانون علائق الدول الأوربية المسيحية.. تلك وحدها كانت الدول في نظر العلم والعلماء ودعنى من الصحف والصحفيين.. أما علائق الدول الأوربية بغيرها من أمم الأرض فلم تكن ((علما وعملا)) لتسمو إلى المكانة القانونية.. كانت أحداثا أو وقائع تسوى تسوية عادلة أو ظالمة ولكنها على أية حال لا تزيد على كونها تسوية.
قلت: كان ذلك في القرن التاسع عشر. ونحن في سنة 1960 م.

قال: بل في سنة 500 وكذا ميلادية فإن قتيل العوص لا يعدوا وهذه الفترة قد تخطىء في عشرتين أو ثلاث عشرات أو أربع عشرات بيد أن خطأنا التاريخي في هذه المسألة لن يصل إلى نصف قرن.. ومن يدرى إذا أنت فتشت ونقبت ووازنت بين الأحداث ذوات التاريخ العشابت بالقياس إلى مسألتنا فعسى أن تحصرها في عشر سنين.. ومسألة أخرى حرية أن تبحثها: لقد فشل تأبط شراغيلة فيما يبدو إذ أصبحو فوجوده قتيلا بين الصخور أكان حنينه قد أراح زوجه واستراح ناقما فمنتقما من عدوه أولئك الذين تهددهم وتوعدهم بعد انقضاء الأشهر الحرم.