/ صفحه 40/
قلت: أو تروننى أضيف جديدا إلى العلم إذا أنا فعلت هذا؟
قال: دون شك، فإن تأبط شرا وجه من وجوه التاريخ الباقية:
ولا يخامرني ريب في أنه أقوى قوة وأوضح وضوحا في ألواح التاريخ من السلام العام أو الدولى أو العالمى أو ماشئتم من تسمية.
قلت: قتيل العوص، وتأبط شرا العلاقة بينهما قائمة لا تنكر. فإذا أضفنا إليهما فكرة السلام العالمى غمضت العلاقة أو عدمت.
قال: إن العلاقة لتقوم علما بين الذرة ((أية ذرة)) من ناحية وبين بقية الكون كله من ناحية أخرى.. فإذا أنت عدمتها بين الأمور الثلاثة سالفة الذكر فتلك ثمرة الجهل لا أقل ولا أكثر.
قلت: لعله يستهوينى أكثر أن أبحث عن أسس الالتزام الدولى في النظام الإسلامي.
قال: مسلم، قبل كل شيء أحببتم أو كرهتم.. إنه لا إلتزام دولياً إلا أن يقوم على الاتفاق في مختلف صوره.. إنه لا شيء آخر يلزم دولة بالنسبة إلى أخرى.
قلت: هنا وقفة نحوية.. تقولون لا التزام دولياً بتنوين دوليا وهي نعت لاسم لا النافية للجنس وهي لا ينون اسمها.
قال: فإذا وصف اسمها أعربت النعت منصوبا منونا فقلت مثلا لا رجل شجاعا في البيت. هذه ليست وقفة نحوية.. فأما من حيث الموضوع لا التزام دوليا كما تعلمون وتقررون إلا أن يكون مصدره الانفاق.. فكذلك كان النظام الإسلامي مذ أذن الله أن يكرم بني آدم بهذه الملة السمحة.. دين الله دين آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام جاء به محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) بشيرا ونذيرا بعد أن نضجت الإنسانية وأصبحت حرية أن ينتظمها نظام واحد.