/ صفحه 372/
ومن تعميم بعض النقاد في الأحكام، مايقوله ناقد لبناني آخر عن التعابير القديمة: ((أسمعت ما قالوا عن السلاح المصري الذي كان في حرب فلسطين يقتل صاحبه؟ إن الأذواق كانت، ولا تزال، وستظل، تستسيغ أكثر التعابير القديمة، مادام سلطان العربية قائماً، وما دام القرآن الكريم يتلي، ويتدارس... إن رمي التعابير العربية ـ جملة ـ بالعقم، دعوة لا يمكن أن تصدر من قلب سليم، فلا بد أن يكون من وراء ذلك فكرة مخرّبة، إننا نقرأ أدب الجاحظ، ونقرأ أدب من يكتبون على طراز الجاحظ فنجد الروعة والعذوبة والأريحية، ولم يحدث أن صرفتنا هذه التعابير عن البحث في قيمة المعنى، وفي الوقت نفسه نقرأ أساليب هؤلاء الذين تنكروا للقديم، وحاولوا أن يجعلوا لأنفسهم أساليب خاصة، فلا نرى إلا التفاهة والضحولة، والارتباك ولاضطراب، وبعض الأدباء استقام له أسلوب خاص، ولكنا نجد فيه سمات كثيرة من الأساليب القديمة، نعم إن بعض التعابير القديمة فقدت قيمتها، لأن مدلولاتها لا وجود لها في حياتنا، ونحن نسلم بأن هذه التعابير غير مستساغة، ولكن هذه ليست ذات نسبة كبيرة في أدبنا.
ولست مع بعض الكتاب الذين يصفون بعض المدارس الحديثة، بأنها قطعت كل صلة بأساليب الأدب القديم، وقد سماها ((المدرسة السورية المتأمركة)) وعد من رجالها، بل من زعمائها: أمين الريحاني، وجبران خليل، والشاعر رشيد أيوب، والشاعر القروي، فإن هذا إن كان صدر من هؤلاء، أو من أنصارهم فهو مجرد دعوي، ذلك أنا نجد في أساليب هؤلاء خطابة أو كتابة أو شعراً، روح الأساليب القديمة، وقوتها، وحين نفقد هذه الروح في أثر من آثاهم بيدو لنا ضئيلاً متداعياً،