/ صفحه 342/
ومن هذه الحادثة وكلمات الفقهاء نفهم أن الأخذ بشهادة الصبيان إنما يكون في مورد لاشاهد سواهم يقف على واقع الحال، فالحكم في مثل هذا يبني على القناعة لا العدالة، لأن العدالة شرط في الشاهد البالغ.
ونرى من الشرطين عدم التفرق، واجتماعهم على المباح، اهتمام أصحاب هذا الرأي في الوصول إلى الوقع، لأن تفرقهم قد يغير معالم القضية، وقد يلقنون بأشياء تخالف الواقع، لذلك رأي بعض الأعلام أن يأخذ بأول قولهم، واجتماعهم على المباح يدفع بالنفس إلى الثقة، ويدنيهم إلى الواقع.
(8) الإسلام شرط في قبول شهادة الشاهد باتفاق المذاهب الخمسة، ولكن الفقه الجعفري انفرد في الوصية خاصة; فأجاز شهادة الذمي فيها بشروط ثلاثة:
(ا) أن تكون الوصية في حال السفر.
(ب) أن يشهد اثنان من أهل الذمة ممن هو ظاهر الثقة والاستقامة عند أهل ملته، ولا يجوز شهادة غير أهل الذمة في حال، وفي مثل هذه الحالة يبني الحكم على القناعة لا العدالة، لأن العدالة من مستلزمات الإسلام.
(9) أجاز الفقه الجعفري شهادة النساء العادلات في الوصية عند عدم الرجال أيضاً، فإن لم يحضر إلا امرأة واحدة جاز شهادتها في ربع الوصية، فإن حضرت اثنيان جازت شهادتهما في النصف، ثم على هذا النحو يكون إثبات بقية الوصية.

3 ـ ولي من لا ولي له:
إن الصغير والمجنون لابد من ولي يلي أمرهما، ويقوم برعايتهما، فإن وجد الأب أو الجد كانت الولاية الطبيعية والشرعية لهما، فإن فقدا ولم يكن وصي أو قيم منصوباً عليهما كانت الولاية للقاضي، لأنه ولي من لا ولي له، وقد منحت هذه السلطة للقاضي في الشريعة الإسلامية بإجماع المذاهب.