/ صفحه 341/
ونرى أن قوله تعالى: ((وأشهدوا ذوى عدل منكم)) وقوله: ((واستشهدوا
ــــــــــ
(1) ص 453 الجزء الثاني.
(2) ص 452 الجزء الثاني.
(3) لقد جعل العلامة الغزالي(رحمه الله) شهادة العبدين من الأسباب الموجبة لنقض الحكم ص 152 الجزء الثاني، وذلك بناء على اشتراط الحرية في الشهادة.
شهيدين من رجالكم)) يدخل فيه الأعمى كدخول البصير، ويمنع الإمام أبو حنيفة الأخذ بشهادته بصورة مطلقة، ويرى الإمام الشافعى أن ما علمه قبل العمي جاز شهادته به، وما علمه في حال العمى لم يجز أن يشهد به.
ويرى المانعون أن الأعمى تشتبه عليه الأصوات فلا يحصل له العلم، ولكن الإدراك في الواقع إنما يعول على البصيرة لا البصر، ويستعيض الأعمى عن بصره بسمعه المرهف في معرفة أرحامه، وأصدقائه، وكثير من الناس.
ونرى من سيرة الصحابة رضوان الله عليهم اعتمادهم على السمع فيما كانوا يتلقونه من أزواج النبي الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم) أمهات المؤمنين، فقد كن يحدثن، ويخاطبن من وراء حجاب، وكان الأصحاب الخيرة ينقلون ذلك للمسلمين عن ثقة، ولم يصادفوا أحداً اعترض على هذا النحو من الاعتماد.
(7) إن اشتراط البلوغ في شهادة الشهود أمر مفروغ منه في نظر المذاهب الإسلامية كافة، ولكن الفقه الجعفري يرى قبول شهادة الصبيان إذا بلغوا عشر سنين في الجراح والشجاج، بشرط عدم تفرقهم، وشرط اجتماعهم على المباح، فلو تفرقوا عن الحالة التي تجارحوا عليها لم تقبل شهادتهم، وفي روايته: يؤخذ بأول كلامهم، وقد وافق الإمام مالك على هذا الرأي، وخالف باقي أئمة المذاهب فلم يجوزوا شهادة الصبيان في شىء، وقال بعضهم: لو قبلت شهادتهم في بعض الأمور لقبلت في جميعا كسائر العدول.
وليس من الغريب أن توجب المصلحة قبول شهادة الصبيان في موضع دون موضع، كما أنها أوجبت قبول شهادة النساء في بعض المواضع دون بعض، ولم يلزم من ذلك أن تكون النساء في كل المواضع مقبولات الشهادة، كما هو معروف من سير الفقه الإسلامي.
ونرى كتب الفقه الجعفري تستشهد لجواز شهادة الصبيان في بعض الحالات بالرأي الذي قضى به أمير المؤمنين علي(عليه السلام)، فقد ذكر أنه (عليه السلام) قضى في ست غلمان وقعوا في الماء، فغرق أحدهم، فشهد ثلاثة غلمان على غلامين أنهما غرقا الغلام، وشهد الغلامان على الثلاثة أنهم غرقوه، فقضى(عليه السلام) بدية الغلام أخماساً، على الغلامين ثلاثة أخماس الدية بشهادة الثلاثة عليهما، وعلى الثلاثة بخمسى الدية بشهادة الغلامين عليهم.