/ صفحه 338/
فاختصمنا إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقال: شاهداك أو يمينه، فقلت: إذن يحلف، فقال النبي(صلى الله عليه وآله وسلم): من حلف على يمين يقتطع بها مال امرىء مسلم هو فيها فاجر، لقى الله وهو عليه غضبان)) ووردت روايات كثيرة عن طريق أئمة أهل البيت(عليهم السلام) تصرح بكراهة الحلف صادقا، وثواب تركه، والعقاب في الحلف كاذبا، وأنه من المحرمات الشديدة، بل من الكبائر الموبقة، وفي بعض الروايات أنه كفر بالله، وفي بعضها أنه مبارزة مع الله، وفي بعضها أنه يدع الديار بلاقع، أي يوجب الفقر، فإن البلقع الأرض القفر، وفي بعضها أنه يوجب قطع النسل.
ولا شك أن من يجرؤ على أن يقسم اليمين الكاذبة بالله تعالى كافرا بأنعمه، حري بأن نعمة الدنيا، ونعيم الآخرة، ويناله الفقر والحرمان في الأموال والأولا، وهذا بعض مايستحقه من يتعدي حدود الله، ويعتدي على حقوق الناس. ونرى الشريعة المقدسة حريصة جدا على أن لا يعق أبناؤها، لذلك نرى من المستحب للقاضي أن ينصح المتخاصمين بالتي هي أحسن، وأن يعظ كلا منهما بما يرى من المواعظ التي تعرفه عظمة الله عز وجل، وحرمة اليمين; ليتراجع من تسول له نفسه أن يتحدى الله، فيرجع إلى صوابه ورشده إن لم يكن طمعاً في الآخرة فإبقاء على ماله في الدنيا، ولا يمين في الحدود إذ لا مدعى لها، ومنكر السرقة يحلف لإسقاط غرمه، فلو نكل، أورد حَلِف المدعي، ثبت الغرم دون القطع.
ولا يحلف القاضي والشاهد إجماعا، نعم لو ادعى على القاضي المعزول توجهت اليمين.
ولا يحلف الوصي على نفي الدين عن الميت، لأنه لو أقر لم يقبل إقراره، وكذا لو أنكر الوكالة لم يحلف الوكيل على نفي العلم بالوكالة، لأنه لا يؤمر بالتسليم إليه مع الاعتراف بالوكالة.
وهل يجوز للوكيل بالخصومة إقامة البينة على وكالته من غير حضور الخصم، فيه وجهان، كنا يرى ذلك الغزالي في وجيزه، ونرى الجواز وإن كان حقا على الخصم، لأنه يثبت حق نفسه.