/ صفحه 337/
واليمين الشرعية هي الحلف بالله الكريم بذاته، أو أسمائه وصفاته الخاصة به التي لا يشاكه فيها مشارك بإجماع المذاهب، واليمين بسواه لا تثبت حقا ولا تنفيه، وقد قال(صلى الله عليه وآله وسلم):((من كان حالفاً فليحلف بالله)).
وتوجيه اليمين إنما هو بيد القاضي المجتهد العادل، فلو أقسم المدعي اليمين من تلقاء نفسه، أو أمام قاض غير جامع للشرائط، فإن هذه اليمين عندنا لا أثر لها في أثبات حق أو نفيه.
وشرط اليمين أن تطابق الإنكار في دعوي صحيحة، وأن تقع بعد طلب المدعي وإذن القاضي، وأن يكون هو المتولي للإحلاف في ((مجلس القضاء)) إلا في حق المعذر فيستخلِف الحاكم مَن ينوب عنه في الاستحلاف.
وفي الواقع إن هذه الشروط تحفظ حرمة اليمين، وحق المدعي، وسلطة القاضي في وقت واحد، فاليمين لا توجه في دعوي فاسدة، كأن تقام من قبل مدع لم يكن بالغاً، ولا توجه من غير طلب المدعي، لأن اليمين من حقه، وهو أعرف بصالحه، وقد يكون من صالحه التريث في الطلب، رجاء أن بحد البينة المقبولة التي تؤيد حقه، فلو استعمل هذا الحق من قبل الحاكم ضيع عليه هذه الفرصة.
إن الشارع المقدس قد أجاز له تقديم البينة بعد الحلف إذا لم يكن حلف اليمين بطلبه لبقاء حقه، ولا تسمع له بينة إذا حلف المنكر بناء على طلبه، لأن اليمين قد أسقطت حقه من الادعاء.
ولا توجه بدون إذن الحاكم، لأن توجيهها من مقدمات إصدار الحكم الذي هو مقصور عليه، فلو حلق المنكر، لم يثبت له حق، لأنها لغو لا أثر لها.
وأما حكم هذه اليمين، فهو انقطاع الخصومة بالمرة، لا براءة الذمة، لأن براءتها أمر يعود إلى الواقع، واليمين شأنها كالبينة قد أثبتت الحق في الظاهر، ولم تغير شيئاً من الواقع، فهذان الشيخان: البخاري ومسلم يحدثان عن ابن قيس قال:كان بيني وبين رجل خصومة في شىء،