/ صفحه 336/
والرأي عندي للجمع بين الرأيين أن يمتنع القاضي عن رؤية الدعوي إذا كان له اطلاع على واقعها، وهذا يتفق مع رأي المانعين لأنه لم يعمل بعلمه، ويتفق مع رأي المجوزين لأنه لم يعمل على خلاف علمه، وهذا نظير ما هو معمول به عندنا في الجمهورية العراقية، وفي غيرها من البلاد العربية من الامتناع إذا حسس القاضي برأيه، أو كان له رأي سابق في الموضوع.
ومن المفيد أن نشير إلى أن من منع من قضاء القاضي بعلمه استثنى أموراً أربعة:
الأول: تزكية الشهود وجرحهم.
الثاني: الإقرار في مجلس القضاء وإن لم يسمعه غيره.
الثالث: العلم بخطأ الشهود يقيناً أو كذبهم.
الرابع: تعزير من أساء أدبه في مجلسه وإن لم يعلمه غيره رعاية لخدمة القضاء.
خامساً: وهو أن يعلم القاضي فيشهد مع آخر فإنه لا يقعر عن شاهد.
توجيه اليمين:
لقد أقر الإسلام ملكية الفرد والجماعات بقاعدته العامة ((الناس مسلطون على أموالهم، ليكون لهم الحرية الكاملة، يتصرفون في أملاكهم كيفما يشاؤون بيعا، أو هبة، أو وقفا، من غير منازع، ولكن هذه السلطة قد تلقي معارضة بحق أو بباطل، فيدعي شخص على صاحب هذه السلطة أنه أحق بها، لأن الشيء الذي بيد المدعى عليه هو له حسب مدعاه، ولم يوصد الإسلام الباب بوجه المدعى، لأن الحق قد يكون بجانبه، لذلك كلف من قبل الشارع أن يقدم البينة العادلة التي تدعم دعواه، فإن عجز فله حق تحليف المدعي عليه اليمين الشرعية، فإن حلف ردت الدعوى وسقط حق المدعي، وإن نكل أو رد اليمين على المدعى وحلف حكم له به، وانتقلت السلطة إليه.