/ صفحه 332/
والاجتهاد يرفع بصاحبه عن التقليد، لذلك نرى أن المجتهد وإن أمضى حكم القاضي ـ ولكن ليس معنى هذا أن يصدر حكما على طبقه بدون الاطلاع على مصدر الحكم ـ فإو تصديق الحكم من قبله شىء، وإصدار الحكم شىء آخر، لأن إمضاء الحكم يكفي فيه الاعتماد على صدوره من أهله، وإصدار الحكم إنما يكون بعد الدليل والبرهان، والاطلاع على سير المرافعة، نعم يكمن أن يجتهد ويصل برأيه بعد الدليل إلى رأي القاضي فيصدر حكمه على طبقه، وذلك بعد مطالبة من له الحكم وإلا فليس له إلا التنفيذ.
والفقه الجعفري لم يوصد باب النقض بصورة باتة، فقد أجائ للقاضي نفسه أن يتدارك الخطأ البين، وهذا على نحو ما تقوم به عندنا في بغداد ((محكمة التمييز)) المدنية بهيأتها العمومية لتصحيح القرار الذي قد أكسب الدرجة القطعية، ولا شك أن هذا رأي صائب، يحفظ الحق، ويحافظ على هيبة القضاء في وقت واحد، على أنه يجوز للمجتهد الآخر إذا اطلع على الخطأ البين في حكم القاضي أن ينقض القرار، ولا يجوز النقض بسبب الاختلاف في وجهات النظر.
ومن الخطأ البين أن يعلم القاضي بعد الحكم تزوير الشاهدين، فإنه في هذه الصورة ينهار الحكم فينقض من قبله لتبين فساده.
ويستعاد المال إن كان المحوم به مالا، وإلا فإن تعذر أغرم، ويلزمهما كل مافات بالشهادة، ويعزران ويشهران ليتجنبا شهادة الزور، ويكونا عبرة للمعتبر. أما إقرار الشاهدين بالتزوير بعد الحكم، أو أن غيرهما شهد على التزوير فلا يستدعيان النقض، لأنه في الأول معناه الرجوع فلا يقبل منهما، وأما الثاني فلأنه تعارض.
نعم يمكن أن يقال: إن رجوع الشاهدين عن شهادتهما في مايوجب الحد قبل استيفائه يبطل الحد ولو بعد الحكم سواء كان لله أو للناس لقيام الشبهة، والحدود تدرأ بالشبهات.
حكم الحاكم لا يغير الواقع:
وهنا يرد على الذهن سؤال آخر، وهو أن الحكم الواجب التنفيذ إذا كان بمثابة