/ صفحه 331/
على حد سواء، وهذا ما حدا بالفقه الجعفري أن يشترط في القاضي بلوغ الاجتهاد ليكون قضاؤه أحكم، وفائدته أعم.
ومصاديق هذه السلطة تتحقق في الأمور التالية:
1 ـ إصدار الأحكام:
إن القاضي يصدر الأحكام بالاستناد إلى البينة العادلة المقبولة، وهو يحكم في كل شىء، سواء كان حقا لله تعالى، أو حقا للناس، ولا يختص في باب دون باب من أبواب الفقه، فهو قاضي شرع يحكم في الأحوال الشخصية، وهو حاكم صلح وجزاء، يحكم في كل ما يعود للتخاصمين من نزاع في الأموال والأنفس.
والقاضي بنظر الإسلام لا يتقيد في زمان أو مكان، لإنه من جنود الحق يعدُّ نفسه لإحقاقه في أي ساعة دعى إليحل مسألة، أو دفع مشكلة، ولك من المتداعيين يقبلان على الحكم بالقبول والرضا، لأنهما يعرفان ورع الحاكم واجتهاده، ويؤمنان بأن حكمه حكم الله في حقهما، هذا نفهمه جيدا من سير الناس والحكام فيما مر من مجالس الأحكام.
لا يعرض حكم القاضي على التمييز:
ولنا أن نسأل هنا: هل أن حكم الحاكم يعرض على التمييز لدى مجتهد آخر فيكون ـ بعد التدقيق ـ محلا للنقض والإبرام، كما هو المألوف في عصرنا الحاضر؟! أو لا يجوز ذلك؟.
الفقه الجعفري صريح بعدم قبول الحكم للتمييز، لأنه صادر عن مجتهد عادل، وقد استفرغ وسعه في إحقاق الحق على ضوء الدليد، فلا يجوز نقضه، لأن معناه الرد له، وقد عرفنا من منطوق رواية عمر بن حنظلة أن الراد عليه راد على الله، وهو على حد الشرك كما قرر الإمام ((الصادق))(عليه السلام).
أما مسألة إبرام حكمه من قبل مجتهد آخر فإن تنفيذه لا يتوقف على عرضه، بل يلزم التنفيذ حالا، نعم لو علم مجتهد عادل بصدور الحكم من القاضي الجامع للشرائط أمضاه بدون توقف، لأنه صادر عن أهله، وإن علم كونه مبنياً على ما يخالف رأيه.