/ صفحه 323/
6 ـ وإذن فالأسماء الحسنى التي تذكر في القرآن والحديث ما هي إلا عبارات عن هذه المعاني التي تصور الكمال المطلق في الله في كل جانب.
ولهذه الأسماء إيحاءات إلى الكمال; فإن الإنسان واله إلى الإله، أي منجذب إليه متخلق بأخلاقه، والإيمان يزيد هذه الطبيعة في الإنسان، فهو يتأثر مولاه ويتتبعه، فإذا علمت أن الله رحيم، فقد علمت أن الرحمة كمال يجب أن ينشد، وإذا علمت أن الله عليم، فقد علمت أن العلم كمال يجب أن ينشد، وهكذا. حتى صفات الانتقام والأخذ الشديد هي أيضا مثل تحتذي، على أن توضع في مواضعها كما يضعها الله تعالى في مواضعها، فإذا كان أحد من الناس يحسن أخذ الظالم المستحق للأذخ، ويحسن كيف يشتد في أخذه انتقاما من شدة ظلمه، فإن ذها يعد وصفا حسنا فيه إذا وضعه في موضعه.
وقصاري القول أن للأسماء الحسنى التي يتسم بها الله جل جلاله إيجاء بعظمة الله وجلاله، كما أن لها إيجاد باخلاق الجمال والكمال.
7 ـ بعد هذا نعود إلى الذين ينقدون الإسلام بانه يصف الإله بأوصاف تخيف، ويوازن بين الإسلام والمسيحية التي وصفت الإله بانه الأب، وهو لفظ مفيد لمعنى الحنو والرحمة.
نعود إلى هؤلاء كرة أخرى فنقول لهم: بأي حق تتحدثون عن تنزية الله، وأنتم الذين نسبتم إليه ما ينافي التنزيه في كتبكم؟.
ـ لقد ذكرت التوراة في الإصحاحين: الثاني والثالث من سفر التكوين قصة آدم وحواء، وخروجهما من الجنة، وذكرت أن الله أجاز لآدم أن يأكل من جميع الأثمار إلا ثمرة شجرة معرفة الخير والشر، وقال له: لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت، ثم خلق الله من آدم زوجته حواء، وكانا عاريين في الجنة; لأنهما لا يدركان الحسن والقبح، وجاءت الحية ودلتهما على الشجرة وحرضتهما على الأكل