/ صفحه 321/
وإذا أردنا أن نعبر عن هذا المعنى بعبارة أخرى، فإننا نقول: قد يوجد مزيج من الدواء هو مجموعة من مقادير مختلفة من أنواع وعناصر مختلفة، فإذا عرفناه على هذا التركيب بأسم معين، فلا يمكن أن نطلق هذا الأسم على آخر فقد بعض عناصره، أو فقد نسبة المقادير التي ركب على حسابها.
ولله المثل الأعلى، فمن نظر إلى صفة واحدة من صفاته فإنه لا يستطيع أن يزعم أنه أدرك الله في كماله وجلاله.
5 ـ وفي الحديث الصحيح عن أبي هريرة(رضي الله عنه) أن رسول الله(صلى الله عليه وسلم) قال: ((إن لله تسعة وتسعين اسما ـ مائة إلا واحداً ـ من أحصاها دخل الجنة)). والمفسرون يوردون هذا الحديث وما في معناه حين يتكلمون عن تفسير قوله تعالى: ((ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها)) ولكنهم مع ذلك يوردون أحاديث أخرى تدل على أذ لله تعالى أكثر من هذا العدد من الأسماء الحسنى، ومن أشهر الأحاديث التي تدل على ذلك ما رواه الإمام أحمد عن عبدالله بن مسعود، وفيه: ((أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك)) ولذلك يحاولون التوفيق بين هذه الأحاديث، بأن الحديث الأول غير حاصر للأسماء في هذا العدد، وإنما يذكر هذا العدد فقط، وبعضهم يستخلص هذا العدد من القرآن، فإذا رأى العدد زاد عن تسعة وتسعين حاول إرجاع بعض الصفات إلى بعض، وأنها في معنى واحد باعتبار الأصل، مثل ((الغافر والغفار والغفور)) و ((الشاكر والشكور)) ونحو ذلك.
ولى رأي في هذه المسألة أبديه في إيجاز:
وهو أن الآية الكريمة: ((ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها)) لا تقصد إلى تحديد أسماء معنية أو صفات معنية تشير إليها بذلك، ولا تقصد إلى معنى الأسم الذي هو لفظ يطلق على الذات لتعريفها كما نسمي إنساناً من الناس محمداً مثلا، وإنما تقصد الآية ـ والله أعلم ـ إلى تقرير أن الله تعالى هو مصدر كل المعاني الكاملة المعبر عنها بالأسماء الحسنى، فما من معنى من معاني الخير والحق والجمال والجلال إلا وهو لله أصلا ومن الله مبدأ ومصدرا.