/ صفحه 303/
قلت: معنى هذا أن الإعجاز في القرآن العربي وحده.
قال: وهل ثم قرآن غير عربي؟ وهل ثم إعجاز إلا به وفيه؟ وإذا أنت نقلته إلى الفرنسية أو الانجليزية فماذا يمعني أن آتي بمثله ألمانيا أو هنديا أو تركيا؟.
قلت: فهل معنى هذا أن أصرف النظر عما يطالعنا به العلماء من موافقات قرآنية علمية؟.
قال: لم أقل هذا، بل إنها كثيراً ما تقفني متأملا في بديع صنع الله الذي أتقن كل شىء، ولا تفاوت في خلقه، وإنما أريد للعلماء ألا يرهقوا النص أو يعذبوه، وأن يتجنبوا الموافقات التي تحتمل أن تكون مخالفات.
قلت: وإذن لا جديد تحت الشمس من حيث إن الجانب اللغوي ـ أعنى العربي ـ سيظل أبدا له مكانته.
قال: وبالتالي لن يفقد تأبط شرا أستاذيته في علوم القران.
قال: ولا أستاذيته في الميدان إذا حمي الوطيس ورخصت النفوس.
قلت: فذلك هو الجانب الخرافي من حياته.
قال: ولماذا هو خذافي؟ إنك ـ إذا غضضت النظر عن ((قصة الغول)) وما يشبهها ما لا يخفى وضعه ـ لم تجد إلا بطولة أو بسالة استمر مريرها، وتوالت أعاجيبها من مقاتلة محمد(صلى الله عليه وسلم)، فما منهم إلا تأبط شرا، بل إن كل واحد منهم يعدل عشرين تأبط شرا، لا تجهد الذاكرة، واذكر من يجىء عفوا لخاطر.
قلت: لنضرب مثلا دون تعمل أو تفكير: أبا قتادة وسلمة بن الأكوع.
قال: حسبك وكفى...لقد لقي أبو قتادة (رضي الله عنه) مسعدة الفزاري في بعض الأسواق فتلاحيا، وكان أبو قتادة قد اشترى فرسا، قال: فإني أسأل الله أن ألقاك على ظهرها، قال مسعدة: آمين، وإن هي إلا أييام قليلة حتى يغير عيينة ابن حصن الفزاري بجيش من فزارة وغطفان على سرح رسول الله بالغابة، ولا ينتظر أبو قتادة جمع المسلمين، بل يسبقهم إلى الغابة على ظهر فرسه، قال: فسرت حتى هجمت على اقوم، فرميت بسهم في جبهتي فنزعت قدحه، وأنا أظن أني نزعت الحديدة، فطلع على فارس وقال: لقد ألقانيك الله يا أبا قتادة، وكشف عن وجهة فإذا هو مسعدة الفزاري، قال: أيا أحب إليك: مجالدة أو مطاعنة أو مصارعة؟ قلت: ذاك إليك، فقال: صراع، فنزل وعلق سيفه في شجرة، ونزلت فعلقت سبيفي في شجرة، وتواثبنا فرزقني الله الظفر عليه، فإذا أنا على صدره، وإذا شىء مس رأسي هو سيف مسعدة، قد وصلت إليه في المعالجة، فضربت بيدي إليه ثم جردته،لما رأى السيف في يدي وأني قاتله قال: استحيني يا أبا قتادة، فقلت لا والله، قال: فمن للصبية، فلت: النار، ثم قتلته وأدرجته في بردي، وأخذت