/ صفحه 30/
ولا أدرى كيف يستقيم إلغاء قوانين الشريعة في الزواج والطلاق والاستعاضة عنها بقانون مدنى قد يحرم ما تبيح الشريعة ويبيح ما تحرمه ـ هذا رجل مسلم مؤمن بدينه ويعتقد أن الطلاق بيد الرجل وفعل ما هو من حقه وطلق، ولكن القانون الوضعي يرى أنه ليس من حقه، وإنما هو من حق القاضى، وحكم القاضي بعدم وقوع الطلاق، فماذا يفعل؟ أيطيع دينه وضميره أم يطيع القانون وحكم القاضي؟ أليس في ذلك حرج أعظم الحرج ألا يسئ هذا الرجل ظنه بالدولة؟ ويرى أنها تعمدت أن تفتنه عن دينه، وتختله عن يقينه.
إن ذلك لا يستقيم إلا لرجل لا يؤمن بدين، ويرى أن قانونه الوضعى هو شرعه الذي تجب طاعته والامتثال له ولكن القانون لا يبنى على الشاذ ولا يبنى على الجمهور الأعظم.
إن القوانين إنما تراد لطاعتها والعمل بها ولن تطاع إلا إذا احترمت وأي شئ ادعى إلى احترامها من أن يعلم النّاس أنها من وحى الله وأمره ونهيه.
إن الزوجين إذا علما أنهما تزوجا على شريعة الله. وأن يد الله هي التي ربطت بينهما ووثقت صلاتهما احترما ذلك الرباط وقدساه وإذا علما أن الحقوق التي لهما والواجبات التي عليهما هي من فعل الله وأمره كان ذلك أدعى إلى طاعتها والامتثال لها.
لهذا أرى أنه لو كانت قوانين الأسرة مأخوذة من غير الشريعة لوجب أن ننسخها بقوانين الشريعة.
إن القوانين السماوية يطيعها المرء فيما بينه وبين نفسه ولا يخالفها ولو أمن من يطلع عليه غالباً ـ أما القوانين الوضعية فيكثر من يخالفها إذا أمن أن يؤخذ بذلك، وشتان بين ما يطاع في السر والعلن وبين مالا يطاع إلا خوفاً من الشرطة والأعوان.
إن العلماء من رجال القانون وأصول الشرائع يقولون إن الأمة لاتحكم بقوانين تخالف مشاعرها وروحها ومزاجها النفسي وأنه يجب مراعاة العرف والعادة والاعتقاد.