/ صفحه 291/
وإذا نظرت إلى الرجل المدمن للخمور، كيف تكون عشرته مع زوجته، وأطفاله؟ فماذاترى؟ عند ما يفرغ من عمله اليومي المقرر، ويكسوه الظلام، ينطلق إلى حانات الخمور، والمحلات المعدة لهذه الأشياء، إلى نصف الليل أو بعد النصف، بينما زوجته وأطفاله ينتظرون قدومه من أول الليل جائعين، والنوم قد غلب عليهم، وهكذا يقضون شطراً من الليل، فأذا بالرجل السكير يقبل وهو في حالة الجنون، فيدخل الدار، ويستقبله الأطفال ـ بكل فرح وسرور ـ وقد استولى عليه الغضب والسكر، وإذا بالأطفال ينظرون إلى الرجل مجنون غضبان معربد، بدل الأدب الرؤوف، والرجل الهادىء الذي يريد الغذاء ليأكل ويستريح، وإذا لم يجد الطعام ينهال على الزوجة وعلى الأطفال بالضرب والشتم، وربما أصاب الزوجة وغيرها بجراحات خطيرة! والمشكلة: أن العمل يتكرر كل ليلة، فإنه ليس في ليلة في ستة أشهر، أو في الشهر، أو في الأسبوع، ولكن يعاقر كل ليلة.
5 ـ قلق الجيران:
وبعد ذلك، ينتهي الدور إلى البيوت المحيطة ببيت هذا الرجل، وإلى الجيران الذين يعيشون حوله، وإنك تعلم ماذا ينزل بهم من جراء عربادات السكير في وسط الليل الساكن الهادىء، وبكاء زوجته وأطفاله الجائعين الذين لم يذوقوا النوم إلى هذا الوقت من الليل، والذين كانوا ينتظرون الطعام والغذاء، وإذا بهم يجدون بدل الطعام الشتم والضرب.
6 ـ سوء تربية الأولاد:
وهناك مأساة تكمن وراء تعاطي السمكرات، وهي سوء تربية الأولاد، وعدم تنشئتهم نشوءاً صحيحاً، فإن الرجل المدمن للخمر لا يأبه بأولاده، ولا يتعب على تربيتهم، لأنه في أوقات شغله وعمله لا يتمكن من تربيتهم، وفي أوقات فراغه يأوي إلى محلات المسكرات ليأخذ منها ما يريد، فهل بعد ذلك يربى أولاده تربية صحيحة؟.