/ صفحه 279/
((وجَحدوا بها وستيقنتها أنفسم ظلماً وعُلوًّا)). والطمأنينة: لا يتصور طروء الجحود عليها.

الرجاء والخوف:
كل رجاء متضمن للخوف، ولذلك استعمل كل واحد منهما موضع الآخر.
قال الهذلي:
إذا لسعته النحلُ لم يَرْجُ لسعها............
أي: لم يخف لسعها.

الهم والغم:
في مطالع البدور: قال أبقراط: للقلب آفتان، وهما الغم والهم. فالغم: يعرض منه النوم، والهم يعرض منه السهر، وذلك: أن الهم فيه فكر في الخوف بما سيكون فينجم عنه السهر، والغم: لا فكر فيه; لأنه إنما يكون بما قد مضى وانقضى. وقال جالينوس: الهم: فناء القلب، والغم: مرض القلب، ثم بين ذلك فقال: الغم: بما كان، والهم: بما يكون. وفي مواضع أخر: الغم: بما فات، والهم: بما هو آت.
أقول: وقد دلت التجارب على أن الهم يمنع من الأكل، ويفضي بصاحبه إلى النحول والهزال، وقد يورثه السل; لأنه تفكير لا يفتر في أمر مستقبل ذي شأن وخطر، وفي هذا يقول الشاعر الحكيم المتنبي:
والهم يخترم الجسيم نحافةً * * * ويُشيب ناصيَة الصبى ويهُرِم
أما الغم، فلا يمنع من الأكل، بل لا يمنع من الإفراط فيه لأجل التعويض والنيسان، وكثيراً ما يصاب النساء بالبدانة بعد نزول الموت بأقارب أعزاء عليهن كالزوج والولد.

نظرت إليه، ونظرت فيه:
يقال: نظرت فلانا وانتظرت: بمعنى واحد، فإذا قلت: نظرت إليه لم يكن إلا بالعين، وإذا قلت: نظرت فيه احتمل أن يكون تفكراً فيه، وتدبراً بالقلب.