/ صفحه 267/
يستخرج بها الخبايا، وسكت حائرا. فسأله الملك عن سبب سكوته، فقال: أرى الرةل المطلوب على جبل من ذهب، والجبل في بحر من دم، ولا أعلم موضعا في العالم على هذه الصفة. فقال الملك: أعد نظرك وغير المسألة، وجدِّد أخذ الطالع، ففعل ثم قال: ماأراه إلا كما ذكرت، وهذا شىء ما وقع لي مثله. فلما أيس الملك من القدرة عليه بهذه الطريقة، نادى في البلد بالأمان للرجل ولمن أخفاه. فلما أطمأن الرجل ظهر وحضر بين يدي الملك، فسأله عن الموضوع الذي كان فيه، فأخبره بما كان. فأعجب بحسن احتياله في إخفاء نفسه، ولطافة أبي معشر في استخراجه. وكانت لأبي معشر البلخي إصابات عجيبة في ذلك.
براعة أبي حنيفة:
كان أبو العباس الطوسيّ سىء الرأي في أبي حنيفة ـ وكان أبو حنيفة يعرف منه ذلك ـ وحدّث أن دخل أبو حنيفة يوما على المنصور وقد ازدحم الناس، فقال الطوسي: اليوم أقتل أبا حنيفة!!. فأقبل عليه، فقال: يا أبا حنيفة إن أمير المؤمنين يدعو الرجل، فيأمر بضرب عنق الرجل لا يدري ماهو؟ أيسعه أن يضرب يضرب عنقه؟. فقال أبو حنيفة: ياأبا العباس، أمير المؤمنين يأمر بالحق أم بالباطل؟ قال: بالحق. قال: أنْفِذ الحق حيث كان ولا تسأل عنه!! ثم قال أبو حنيفة لمن قرب منه: إن هذا أراد أن يوثقني فربطته!.
وكان الربيع صاحب المنصور يعادي أبا حنيفة، فانتهز فرصة وجوده عند النمصور، فقال: يا أمير المؤمنين، هذا أبو حنيفة يخالف جدك ـ يعني عبد الله ابن العباس ـ كان جدك يقول: إذا حلف إنسان على اليمين، ثم استثنى بعد ذلك بيوم أو يومين جاز الاستثناء، وقد قال أبو حنيفة لا يجوز الاستثناء إلا متصلا باليمين. فقال أبو حنيفة: ياأمير المؤمنين، إن الربيع يزعم أنه ليس لك في رقاب جندك بيعة. قال: وكيف ذلك؟ قال: يحلفون ثم يرجعون إلى منازلهم فيستثنون، فتبطل أيمانهم! فضحك المنصور وقال: يا ربيع، لا تتعرض لأبى حنيفة.
فلما خرج أبو حنيفة، قال له الربيع: أردت أن تسفك دمي. قال: لا، ولكنك أردت أن تسفك دمي، فخلصتك وخلصت نفسي.