/ صفحه 265/
الاختصار:
سئل النظام عن الاختصار، فقال: هو الذي اختصاره فساد.

سعيد بن جبير:
قيل للحسن البصري: إن الحجاج قد قتل سعيد بن جبير، فقال: اللهم ائت على فاسق ثقيف! والله لو أن من بين المشرق والمغرب اشتركوا في قتله لكبّهم الله عز وجل في النار!. وكان الحجاج في مرضه إذا نام رأي سعيدا آخذا بمجامع ثوبه، ويقول له: ياعدو الله، فيم قتلتي!. ورؤي في المنام، فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: قتلني بكل قتيل قتلته قتلة، وقتلني بسعيد بن جبير سبعين قتلة. ولما قدم سعيد للقتل قال: أما أني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، خذها مني حتى تلقاني بها يوم القيامة، ثم دعا فقال: اللهم لا تسلطه على أحد يقتله بعدي. ومات الحجاة بعده بشهر أو ستة أشهر، ولم يسلطه الله على أحد بعده حتى هلك. وقال الإمام أحمد بن حنبل: قتل الحجاج سعيد بن جبير، وما على وجه الأرض أحد إلا وهو مفتق إلى علمه. ويذكر ابن خلكان: أن الله سلط على الحجاج الزمهرير، فكانت الكوانين تجعل حوله مملوءة نارا، وتدني منه حتى تحرق جلده وهو لا يحس بها!. وشكا الحجاج ما يجده إلى الحسن البصري، فقال له: قد كنت نهيتك أن تتعرض للصالحين فلجلجت. فقال: يا حسن، لا أسألك أن تسأل الله أن يفرج عني، ولكن أسألك أن تسأله أن يعجل قبض روحي، ولا يطيل عذابي. فبكي الحسن(رحمه الله) بكاء شديدا. ولما جاءه موته سجد لله شكرا، وقال: اللهم إنك قد أمته فأمت عنا سنته. ودفن الحجاج بمدينة واسط التي بناها، وعفّى قبره وأجرى عليه الماء; وواسط خراب الآن. ويقول خصيف: كان أعلم التابعين بالطلاق: سعيد بن المسيب، وبالحج: عطاء، وبالحلال والحرام: طاووس وبالتفسير: مجاهد، وأجمعهم لذلك كله: سعيد بن جبير.