/ صفحه 26/
الإنتاج الجمعى في الزراعة:
37 ـ ولا شك أن التعاون في الزراعة يؤدى إلى إنتاج أضخم، وثروة أعظم، والتعاون بشكل عام قد حث عليه القرآن الكريم فقد قال تعالى: ((وتعاونوا على

ــــــــــ
(1) فتوح البلدان للبلاذرى من 364 إلى 469 وكتاب التاريخ المالى للدولة الإسلامية للأستاذ الدكتور ضياء لويس.

البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)) وحث عليه النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، فقد قال(صلى الله عليه وآله وسلم) ((الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه)) ولقد ابتدأت حياة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بنوع من التعاون يجعل كل مؤمن شريكا لأخيه في ماله، وذلك بالإخاء الذي قام به، فقد آخى بين المهاجرين والأنصار. وآخى بين المهاجرين بعضهم، وبين الأنصار بعضهم مع بعض.

بل إن النبي الكريم لأنه يعرف أن المجتمع يقوم دائما على التعاون كانت المعاهدة التي عقدت بينه وبين اليهود بالمدينة تقوم على التعاون فيما بينهم وبين المسلمين، وكان التعاون أساسه المحافظة على الحقوق الإنسانية والقيام بواجبها ومن التعاون أن تتضافر كل قرية فيما بينها على إنتاج أطيب الزرع، وتوزيعه، والانفاق عليه، بأن تكون أرض القرية كلها في سلطان القرية كلها، وإن كان لكل واحد ملكيته الخاصة لا تخرج من يده إلى ورثته.
فإن المالك الصغير ربما لا يقوى على نفقات الإنتاج، فيضعف زرعه، فتكون أرض القرية كلها تحت إشراف الجماعة التعاونية التي تكونها القرية، ويخص كل واحد ما يملكه وهي توزع البذر على كل زارع، وكل بما يناسب أرضه، وأقوى ما تنتجه، وتقدم له السماد، وتعد أحدث الآلات الزراعية ثم توفر لهم ما تحتاج إليه الثروة الحيوانية.

فهذا النظام التعاونى أمر يدعو إليه الإسلام إذ قد دعا إليه دعوة عامة إجمالية يدخل في عمومها كل أنواع التعاون وفروعه من غير أن تمس الملكية الخاصة، فالإسلام دعا إلى التعاون دعوة مجملة كما دعا إلى العدالة دعوة مطلقة، وكما دعا إلى الشورى، وأساليبها وأنواعها تختلف باختلاف العصور والأقوام وفوقه فإن التعاون الزراعي أمر فيه مصلحة مؤكدة، وبهذه المصلحة المؤكدة يكون مطلوبا، إذ كل مصلحة ملائمة لمقاصد الشارع الإسلامي تكون مطلوبة.