/ صفحه 25/
ولذلك عنى الراشدون ومن جاء بعدهم بحفر الأنهر والتزع، فولاة البصر منذ عهد عمر بن الخطاب إلى عهد الدولة الأموية كانوا يعنون بحفر التزع، وعند ما فتح الله على المسلمين الأنبار وما وراءه طلبوا إلى الفاتح العظيم سعد بن أبيوقاص أن يحفر لهم نهرا، فكتب سعد إلى الوالى من قبله عمرو بن حزام يأمره أن يحفر لهم ففعل حتى انتهى إلى جبل لم يستطع شقه فوقف النهر هنالك، حتى جاء الحجاج وولى أمر العراق وما وراءه فجمع الفعلة من كل ناحية، وأنفق عليه حتى أتمه(1).

وقد استمر إحياء الأراضي، وشق الأنهار في عهد الأموية والعباسية، وكانوا إذا أعوزتهم الأيدي العاملة أحضروها من الأراضى المفتوحة، فعمل عبيدالله بن زيد على استخدام أهل بخارى الذين أسرهم، فأسكنهم البصرة، وجعل منهم قوة عاملة في الحرث والزرع، وحفر الأنهر، وأتى الحجاج من بعده بكثيرين من أهل السند لمثل هذا الغرض، وهو الحرث والحفر.

وفي سبيل تنمية الزراعة قام الحجاج بعملين:
أولهما ـ منه الموالى المقيمين في القرى من الهجرة إلى الأنصار، وقد رمى بسهمين في هذا: (أولهما منعهم التجمع داخل المدن، حتى لا تكون الفتن. (وثانيهما) حملهم على الإقامة في القرى لعمارة الأرض وزراعتها.
وفي سبيل منع الموالى من الهجرة إلى المدينة كان يشدد الرقابة على من يهاجر إليها ويحبسهم الآماد الطويلة، فيبقون.
الأمر الثاني ـ الذي صنعه الحجاج لتنمية الزرع أنه منع من ذبح البقر لتكون عوامل في الأرض، وقد تهكم عليه بعض الشعراء بقوله:
شكونا إليه خراب السواد * * * فحرم جهلا لحوم البقر