/ صفحه 259/
ثم قال ابن حزم في كتاب: ((ملخص إبطال القياس والرأي والاستحسان والتقليد والتعليل)) ص 35 طبعة 1960: ((أما قول أصحاب القياس: أجمعت الصحابة على ولاية أبي بكر قياساً على تقديم النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) إياه للصلاة، فكذب لإجماع الأمة على أن ليس كل من صلح للإمامة في الصلاة صلح للإمامة في الخلافة، فقد اتفقوا على جواز إمامة التركي وغيره، وقال طوائف من الصحابة والتابعين والفقهاء بإمامة من لم يبلغ الحلم في الفريضة راتبا للرجال، وبإمامة المرأة للنساء، وهؤلاء لا تجوز خلافتهم.
2 ـ أن الأمور والأحكام العرفية والعادية يصلح قياس بعضها على بعض، لأن أسبابها بيد العرف، أما الأحكام الشرعية فلا يصح فيها القياس، لأن مبنى الشرع على تفريق المجتمعات، وجمع المتفرقات(1)، وذكر ابن حزم في كتاب: ((إبطال القياس)) والقمي محمد حسن في الجزء الثاني من القوانين أمثلة كثيرة على تفريق الشرع بين المجتمعات، وجمع المتفرقات.
ــــــــــ
(1) تقريرات الخراساني للمرزا النائيني، وفرائد الشيخ الأنصاري المعروف بالرسائل.
منها: ما جاء في صفحة 46 من كتاب ((إبطال القياس)) قال بعضكم ـ الخطاب لأهل القياس ـ: طلاق العبد طلقتان، وصيام العبد في الظهار شهر ((لا شهران متتابعان)) فهلا تماديتم وقلتم: صلاته ركعتان، وصيامه نصف رمضان، ووضوؤه عضوان وغسله نصف جسده، فوالله لإن جاز القياس هناك ليجوزن هنا، لأنه كله قياس، وكله خلاف النص، ثم قال ابن حزم في صفحة 48 من الكتاب المذكور: إن الله جعل الحد في الزنا، ولم يجعله في إتيان البهيمة، وكلاهما محرم، وجعل الحد بالقذف بالزنا، ولم يجعله في القذف بالكفر، وجعل الحد في جرعة خمر، ولم يجعله في شرب أرطال من الدم.
ومنها: ما ذكره القمي في الجزء الثاني من القوانين: أن الشرع جمع بين المختلفات كما في موجبات الوضوء، حيث سوى بين النوم والبول والغائط، وفرق بين المجمعات، فأمر بقطع يد من سرق درهما، دون من غصب مئات الألوف، وحرم صوم يوم عيد الفطر، مع أن سابقه واجب، ولا حقه ندب، إلى غير ذلك مما لا يعد ولا يحصى.