/ صفحه 260/
3 ـ أن معنى القياس هو إلحاق أمر غير منصوص عليه بآخر منصوص عليه في الحكم الشرعي لاتحاد بينهما في العلة، مثال ذلك أن الشرع قد نص على إيجاب الكفارة على من جامع في رمضان عامدا، وسكت عن إيجابها في الأكل والشرب، فنقيسهما على الجماع، لأن الله حرم الجميع في الصوم على السواء.
قال ابن حزم في ص 48: إن هذا إخراج لأحكام الله بالعقل، وادعاء بلا برهان ولا نص، وإخبار عن الله بما لم يخبر، وتقويل لرسوله بما لم يقل.
وقال الإمامية: إن دين الله لا يصاب بالعقول، فليس لأي إنسان كائناً من كان، وبالغاً من العلم والعقل ما بلغ أن يستخرج من تلقائه عللا وأسباباً يسندها إلى الله من غير نص الشارع الالم بالأسباب الخفية، والمصالح الكامنة، ولا سيما مع ملاحظة قوله تعالى: ((فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم))
وقوله سبحانه: ((وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما)) فقد دل هذا على أن علة التحريم عصيانهم لا وصف ثابت للمذكورات، وعلى ذلك فلا يكمن الجزم بأن الجامع بين المقيس والمقيس عليه علة للحكم، بل من الجائز أن تكون خصوصية الأصل المقيس عليه شرطا للحكم المنصوص، أو تكون خصوصية الفرع مانعة من إلحاق غير المنصوص بالمنصوص أو تكون صفة المكلف هي الموجبة للحكم.
وقال ابن حزم صفحة 49: فأول ذنب عصى الله به التعليل لأوامر الله بلا نص، وترك اتباع ظاهرها، وذلك قول إبليس: ((ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين)) استنبط إبليس علة النهي عن أكل الشجرة، ولم يصح التعليل عن صحابي، ولا قال به قط، أي أن التعليل محرم إذا لم ينص عليه الشرع، أما إذا نص عليه فيكون حجة متبعة.