/ صفحه 253/
ورد في القرآن الكريم: ((الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به، تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون*فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره)).
وهذا يفهم منه أن للرجل إذا طلق امرأته أن يراجعها ما دامت في عدتها، فإن طلقها الثانية فله أن يراجعها كذلك، فإن طلقها الثالثة فليس له عليها سبيل حتى تنكح زوجا غيره، فإن طلقها الزوج الثاني وخرجت من عدتها فللزوج الأول أن يتزوجها.
وهذا إبطال لما كان يفعل في الجاهلية، فقد كان للرجل أن يطلق امرأته، فإذا قاربت العدة راجعها، ثم يطلقها، ثم يراجعها، وهكذا حتى تكون كالمعلقة، لا هي ذات زوج فتسكن إليه، ولا هي مسرحة حتى تحل للأزواج، فأبطل الله ذلك، وأبان أن ليس للرجل أن يفعل ذلك إلا مرتين فإن طلقها الثالثه فلا تعود له إلا بعد أن تتزوج غيره، فإن طلقها الثاني حلت للأول، وهذا التشريع فيه رحمة بالمرأة، وإزالة لعنت الأزواج.
وهذا فيه قطع طمع الرجل فيها، إذ شرط في حلها له أن تبعد عنه فتكون ذات زوج، وربما أمسكها طول حياته فلا ينالها أبدا، فيكون ذلك أدعى لأن يتروي في الطلاق فلا يسرف فيه ولا يبذر.
ونحن نرى أن نكاح المحلل ((الذي قصد به حل المطلقة ثلاثا إلى مطلقها)) يمكن أن يلغي من قوانيننا، ويؤخذ فيه بحكم شرعي آخر يحرمه ويراه عقدا باطلا لا تحل به المرأة لزوجها الأول، ولا لزوجها الثاني.
إن الفقهاء اختلفوا فيه: فمنهم من رآه عقددا شرعيا لا بطلان فيه كالشافعي وأبي حنيفة، ومنهم من يراه عقدا باطلا يحمل في نفسه موجبات الفساد والبطلان كمالك ومن لا يحصى من الصحابة والتابعين.
أما الأولون فيقولون: هذا عقد استوفي الشروط والأركان المطلوبة في عقد