/ صفحه 247/
أيها المؤمنون:
هذا هو النداء الثاني أدى مهمته في السابقين، فانقادوا لأحكام الله، وبذلوا أنفسهم وأموالهم في سبيل الله وهو باق في كتابه الخالد، تكليفاً للاحقين بالطاعة والامتثال، ووثيقة يمليها عليهم الإيمان في كل زمان ومكان، وفي كل شأن وحال. فاسمعوا وأطيعوا، ولا تكونوا كالذين لا تدفعهم حاجة إلى سماع القرآن. ويتشاغلون عنه إذا تلى عليهم بلهو الحديث، وثقافة المشككين، اسمعوا وأطيعوا، ولا تكونوا كهؤلاء الآخرين الذين رأوا أن طاعتهم للقرآن ليست سوى الاهتزاز بنغمات القارىء فيصيحون، ويستعيدون، ويصفقون، ويعيدون بذلك شأن المعرضين الأولين في عبادتهم ((وماكان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية)) صفيراً وتصفيقا.

النداء الثالث:
ثم بعد أن يركز لهم الأمر على أساس من الطاعة والتحذير من المخالفة يناديهم مرة ثانية بإنهاض الهمة، وتقوية العزيمة، والمبادرة إلى الطاعة والامتثال دون إبطاء أو تسويف، ويرشدهم إلى أن ما يُدَعوْن إليه فيه حياتهم: بالعلم والمعرفة، بالشرف والعزة، بالسلطان وعلو الكلمة، بالسعادة الحقة والنعيم المقيم ((يأيها الين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم)) وفي سبيل التحذير من التسويف في الطاعة يلفتهم إلى ما يوجب عليهم المبادرة بها حتى لا يدركهم ماقد ينحرفون به عن الصراط المستقيم، يلفتهم إلى أن الإنسان عرضة لتأثر بالهوى الذين يُضعف إيمانه، ويحول بينه وبين إرادة الخير الذي يمتلىء به قلبه،