/ صفحه 245/
وفي سبيل هذا ناداهم الله لست مرات بوصف الإيمان: ((يأيها الذين آمنوا)) تذكيراً بأن ما كلفوه في تلك النداءات من مقتضيات الإيمان الذي تحلوا به، وأن تركه أو الإهمال فيه إخلاص بالإيمان ونقض لعهده الوثيق.
النداء الأول:
انتهزت السورة تفكير بعض المسلمين في الرجوع دون مقابلة الأعداء الذين خرجوا من مكة لقتالهم، واختلافهم في ذلك، وفي توزيع الأنفال، واتخذت ذلك فرصة لتوجه إليهم جملة من النداءات الإلهية بوصف الإيمان ((يأيها الذين آمنوا)) تتضمن تلك النداءات أهم أسس الحرب الظافرة; فحذرتهم، أولا: من الفرار أمام الزاحفين عليهم، وقد كانت فكرة الرجوع دون مقابلة الأعداء تحقق ذلك الفرار ((يأيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار)) وتوعدت الآيات الذين يولون الأعداء ظهورهم بروح الخوف والهزيمة، لا بروح الاستعداد والتجمع ـ بأشد العذاب ((ومن يُوَلهم يومئذ دُبره إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير)) وأراهم أن فتح الله عليهم في هذه الموقعة، إنما كان بإخلاصهم لله وثباتهم على أمره واستغاثتهم إياه، فلا ينبغي التعويل على كثرة، أو الخوف من قلة، الله مع المؤمنين الصادقين ينصرهم مع قلتهم، ويقويهم مع ضعفهم ((ولن تغني عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت وأن الله مع المؤمنين)).
النداء الثاني:
ويتضمن النداء الثاني أمرهم بطاعة الله ورسوله فيما بلغهم الرسول عن ربه